البرلمان الصيني يمنح شي رئاسة مدى الحياة

بكين (أ ف ب) - مهد البرلمان الصيني الاحد الطريق امام شي جينبينغ للبقاء رئيسا مدى الحياة بالغائه الحد الاقصى للولايات الرئاسية، ومنحه سلطة شبه مطلقة من اجل تطبيق رؤيته لتحويل البلاد الى قوة عظمى اقتصاديا وعسكريا.
 
وتنهي الخطوة حقبة القيادة "الجماعية" والخلافة المنظمة التي ارساها القائد السابق دينغ شياوبينغ لضمان الاستقرار وتجنب اي عودة للحكم الديكتاتوري لعهد مؤسس الشيوعية في الصين ماو تسي تونغ.
 
وحظي التعديل الدستوري التاريخي بتأييد مطلق في البرلمان بموافقة 2958 نائبا، مقابل معارضة نائبين وامتناع ثلاثة عن التوصيت رغم سيل من انتقادات غير اعتيادية على شبكة الانترنت سارعت اجهزة الرقابة الى منعها.
 
وكان شي اول من ادلى بصوته في قاعة الشعب الكبرى في بكين في صندوق احمر وسط تصفيق اعضاء مجلس الشعب مع كل عملية اقتراع على تعديل الدستور من اجل الغاء الحد الاقصى لولايتين رئاسيتين من خمس سنوات.
 
وكان متوقعا للتعديل الدستوري الاول منذ 14 عاما، ان يمر بسهولة في البرلمان الذي لم يصوت يوما ضد اي نص يطرحه الحزب الشيوعي منذ انشائه قبل نصف قرن.
 
وقال جو تشيوتشن وهو ممثل مقاطعة هيلونغجيانغ في شمال شرق البلاد لفرانس برس "انها الارادة الملحة لعامة الشعب"، مكررا مقولة الحزب الشيوعي الذي يعتبر ان تعديل الدستور يحظى بتأييد جامع لدى العامة.
 
وأحكم شي (64 عاما) قبضته على السلطة منذ ان اصبح امينا عاما للحزب الشيوعي في 2012، وهو اعلى منصب يتسلمه.
 
وعلى الرغم من ان مدة شغل المنصب غير محددة، الا ان سلفيه اكتفيا بولايتين في تقليد ارساه القائد السابق دينغ شياوبينغ.
 
- "انقلاب ناعم" -
 
تعتبر الرئاسة في الصين منصبا فخريا الى حد بعيد، الا ان الدستور الذي يضع حدا اقصى للولايات الرئاسية كان يفرض على شي التخلي عن الرئاسة في 2023.
 
لكن شي وبعد تعديل البرلمان للدستور بات الآن بوسعه البقاء الى ما لا نهاية من اجل تطبيق رؤيته للصين المتجددة كقوة عالمية ذات جيش "من الاقوى عالميا" بحلول منتصف القرن الحالي.
 
ومنذ توليه قيادة الحزب الشيوعي الصيني في نهاية 2012 ثم رئاسة الدولة مطلع 2013، عزز شي سلطة النظام. وقد صدر قانون يقمع بقسوة اي معارضة على الانترنت، وصدرت احكام قاسية بالسجن على مدافعين عن حقوق الانسان.
 
لكن شي يتمتع بشعبية لدى الشعب الصيني لا سيما بسبب حملة القمع التي شنها ضد الفساد وطاولت اكثر من مليون شخصية رسمية في الحزب، وتهميش منافسين محتملين له.
 
وقال المحلل السياسي وو تشاينغ لوكالة فرانس برس "اعتقد انه كان يخوض انقلابا ناعما خلال السنوات الخمس الماضية بجعله المكتب السياسي مجرد هيئة صورية"، في اشارة الى المكتب السياسي الواسع النفوذ في البلاد والذي يضم 25 عضوا.
 
وقال وو "يريد (شي) ان يحول دون تولي تكنوقراط مثل جيانغ (زيمين) وهو (جينتاو) السلطة"، في اشارة الى سلفي الرئيس الصيني.
 
وفيما انصب الاهتمام على الغاء الحد الاقصى للولايات الرئاسية، الا ان التعديلات تشمل كذلك بنودا اساسية تدرج "فكر شي جينبينغ" في الدستور وكذلك توسيع صلاحيات الحزب الشيوعي في ادارة شرون البلاد.
 
وفي تقرير مكتوب قال رئيس اللجنة الدائمة في البرلمان الصيني جانغ ديجيانغ ان التعديلات "ستضمن تحسين الدستور وتطويره لمواكبة العصر وتأمين ضمانة دستورية صلبة من اجل تدعيم الاشتراكية وتطويرها بالخصائص الصينية في الحقبة الجديدة".
 
- مسار سري -
 
يقول الحزب الشيوعي ان الخطوة تلحق الرئاسة بمنصبي امين عام الحزب الشيوعي والقائد الاعلى للقوات المسلحة، وهما منصبان لا مدة محددة لشغلهما، معتبرا ان الجماهير تجمع على الغاء الحد الاقصى للولايات الرئاسية.
 
لكن الاقتراح بقي سريا الى ان تم الكشف عنه في تقرير للاعلام الرسمي في 24 شباط/فبراير، اي قبل اسبوع من افتتاح الدورة البرلمانية.
 
واعلن الحزب في وقت لاحق ان شي ترأس اجتماعا للمكتب السياسي في ايلول/سبتمبر الماضي قررت خلاله القيادة مراجعة الدستور.
 
وسعى الحزب الى جمع اقتراحات وأراء تكللت بقرار اتخذ اواخر كانون الثاني/يناير يقضي بادخال تعديلات دستورية على مجلس الشعب الصيني.
 
وقال دو يانلي النائب عن مقاطعة شاندونغ في شرق البلاد إن "شي جينبينغ ادار العديد من المشاريع الهامة كالاصلاح الاقتصادي ومكافحة الفساد. هناك اجماع على تأييد منحه المزيد من الوقت لاتمام عمله".
 
الا ان الخطوة المفاجئة استدعت ردود فعل غاضبة على شبكة الانترنت، ما دفع اجهزة الرقابة الى منع عبارات وكلمات مثل "انا اخالف الرأي"، و"امبراطور" بالاضافة الى صورة "ويني ذا بو" الشخصية الكرتونية التي يتم تشبيه شي بها.
 
ويخشى الناشطون من ان يؤدي الغاء الحد الاقصى للولايات الى تشديد اضافي للرقابة الصارمة على وسائل الاعلام والمجتمع المدني والديانة، مع محاولة شي فرض رؤيته الايديولوجية للشيوعية في مختلف اوجه المجتمع ونواحيه.
 
واعتبر الناشط هو جيا ومقره بكين، الذي يقول ان السلطات اجبرته على مغادرة العاصمة خلال انعقاد المؤتمر، ان التعديل الدستوري "مخالف للقانون".
 
ويضيف الناشط ان "شي طلب من الجميع الانصياع للدستور ثم استخدم التعديل ليضع نفسه فوق الدستور"، مشيرا الى ان شي "استخدم الدستور سلاحا قانونيا ملزما للمسؤولين والمواطنين".