شلل حكومي يهدد أمريكا مع احتدام الخلاف بين ترامب ومعارضيه

الرئيس الأميركي يهاجم الديمقراطيين قبيل بدء مسعى آخر في الكونغرس لإنهاء انقسامات تتعلق بالموازنة وتنذر بتعطل عمل الحكومة الفدرالية.
 
وجه الرئيس الأميركي دونالد ترامب انتقادات لاذعة إلى معارضيه قبيل بدء مسعى آخر في الكونغرس المنقسم لإنهاء خلاف بشأن الميزانية قبل أن يحين موعد عودة مئات آلاف الموظفين الفدراليين إلى العمل دون الحصول على رواتبهم.
 
ولا يزال تأثير تعطل عمل الحكومة الذي بدأ منذ منتصف ليل الجمعة محدودا بالمجمل حيث تسبب بإغلاق مواقع على غرار تمثال الحرية في نيويورك الذي أقفل أمام الزوار، لكن يتوقع أن يشتد تأثيره في حال لم يتوصل أعضاء الكونغرس إلى اتفاق بحلول يوم الاثنين.
 
وتبادل الجمهوريون والديمقراطيون الاتهامات بشأن الطرف المسؤول عن الفشل في تمرير الموازنة بحلول المهلة النهائية في 20 يناير/كانون الثاني، أي بعد عام بالضبط من تاريخ تسلم ترامب السلطة.
 
وكتب ترامب تغريدة على صفحته بتويتر "إنه أمر عظيم أن نرى كم يحارب الجمهوريون من أجل جيشنا وسلامتنا على الحدود، في حين لا يريد الديمقراطيون إلا تدفق المهاجرين غير الشرعيين إلى بلدنا دون أي قيود".
 
وشجع ترامب قادة مجلس الشيوخ الجمهوريين على تفعيل ما يطلق عليه "الخيار النووي" الذي يمكن بموجبه تغيير قواعد المجلس للسماح بتمرير الموازنة عبر غالبية بـ51 صوتا للسماح بعودة المؤسسات الفدرالية إلى العمل.
 
ويخشى قادة المجلس من القيام بتحرك من هذا النوع، حيث بإمكان الحزب الآخر استخدامه ضدهم كذلك عندما يمتلك الأغلبية.
 
وقال ترامب عبر تويتر "في حال استمر الحال في طريق مسدود، فعلى الجمهوريين اللجوء إلى 51 بالمئة (الخيار النووي) والتصويت على ميزانية حقيقية وبعيدة الأمد".
 
واتهم مدير الموازنة في البيت الأبيض ميك مولفاني بعض الديمقراطيين بأنهم يرغبون بـ"حرمان الرئيس من الاحتفال بالنصر في ذكرى تنصيبه"، مرددا بذلك تصريحات أدلى بها ترامب قبل يوم.
 
وقال مولفاني عبر شبكة فوكس الإخبارية "هناك ديمقراطيون ممن يريدون أن يلقي الرئيس خطاب حالة الاتحاد أثناء شلل" الإدارات الفدرالية، في إشارة إلى الخطاب التقليدي الذي سيلقيه ترامب في 30 يناير/كانون الثاني.
 
لكن المستشار البرلماني للبيت الأبيض مارك شورت قال لشبكة "ايه بي سي" إنه تم تحقيق تقدم، فيما أكد مولفاني أن هناك فرصة لعودة الحكومة إلى العمل قبل بداية الأسبوع صباح الاثنين.
 
ومساء السبت، حدد زعيم الغالبية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل جلسة تصويت رئيسية على الميزانية الساعة السادسة بتوقيت غرينيتش فيما سيجتمع أعضاء الكونغرس الأحد.
 
وقال في بيان "أؤكد لكم أن التصويت سيجري الاثنين في الساعة 01.00 (بالتوقيت المحلي السادسة بتوقيت غرينيتش) إلا اذا كانت هناك رغبة بأن يتم قبل ذلك".
 
وتشكل مسألة الهجرة غير الشرعية صلب الخلاف بين الطرفين.
 
واتهم الديمقراطيون الجمهوريين بتسميم فرص التوصل إلى اتفاق والانحناء أمام قاعدة ترامب الشعبوية عبر رفض تمويل برنامج يحمي من الترحيل نحو 700 ألف ممن يسمون "الحالمون" (دريمرز) وهم من الشباب والبالغين الذين دخلوا الولايات المتحدة بشكل غير شرعي عندما كانوا أطفالا.
 
"أمر مخيف"
 
واتهم ترامب الديمقراطيين بتجاهل مصالح البلاد الأساسية قائلا إنهم "قلقون أكثر على المهاجرين غير الشرعيين من قلقهم على جيشنا أو أمننا على حدودنا الجنوبية المعرضة للخطر"، فيما يتوقع أن تزداد حدة تأثيرات شلل إدارات الدولة.
 
ورغم استمرار الخدمات الفدرالية الأساسية والأنشطة العسكرية، إلا أنه لن يتم دفع رواتب القوات الفاعلة قبل التوصل إلى اتفاق لإعادة عمل الحكومة.
 
وتعطل عمل الإدارات الفدرالية الأميركية أربع مرات منذ العام 1990، كانت آخرها في 2013 عندما بات أكثر من 800 ألف موظف حكومي في حالة بطالة قسرية مؤقتة لتعذر دفع رواتبهم.
 
وقالت الموظفة الفدرالية نويل جول (50 عاما) "لا يمكننا سوى الترقب إنه أمر مخيف".
 
وبدا التوصل إلى اتفاق أمرا مرجحا بعد ظهر الجمعة عندما لاحت مؤشرات بأن ترامب الذي يتفاخر بأنه يتقن فن التفاوض، اقترب من التوصل إلى اتفاق مع زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ تشاك شومر على حماية "الحالمين".
 
لكن تأكد عدم تحقيق تقدم ملموس مع فشل الجمهوريين في الحصول على دعم كاف من الديمقراطيين في مجلس الشيوخ لتمديد الميزانية لأربعة أسابيع إضافية ريثما يتم التوصل إلى تسوية نهائية.
 
تظاهرات ضد ترامب
 
والتأم الكونغرس في جلسة نادرة السبت حيث كان على قادة الطرفين حل خلافاتهما لمنع استمرار الشلل الحكومي ليوم الاثنين، لكنهم بدلا من القيام بذلك، تبادلوا الاتهامات بشأن التعطيل.
 
ويمتلك الجمهوريون أغلبية مقعد واحد في مجلس الشيوخ. واحتاجوا يوم الجمعة إلى جذب بعض الديمقراطيين إلى صفهم للحصول على أغلبية عظمى بـ60 صوتا لتمرير الموازنة، إلا أنهم كانوا لا زالوا بحاجة إلى عشرة أصوات.
 
وكان لتمرير الاجراء في الكونغرس أن يمدد التمويل الفدرالي حتى 16 فبراير/شباط ويعيد إجازة برنامج للتأمين الصحي للأطفال الفقراء لست سنوات قادمة وهو ما يعد هدفا للديمقراطيين.
 
لكنه لا يتطرق إلى أي اجراءات بشأن برنامج "داكا" (اختصار الاجراءات المؤجلة للأطفال الوافدين) لتسوية أوضاع الحالمين.
 
ويصر مسؤولو البيت الأبيض على عدم وجود ضرورة لإصلاح "داكا" الذي تنقضي مدته في 5 مارس/آذار.
 
وفي إشارة إلى حجم الاستقطاب السياسي الذي تعيشه الولايات المتحدة، نزل ما يقدر بمئات الآلاف إلى شوارع مدن رئيسية بينها لوس انجلس ونيويورك وواشنطن للاحتجاج على الرئيس وسياساته والتعبير عن الدعم لحقوق المرأة.
 
ورفع المتظاهرون لافتات كتب عليها شعارات على غرار "حاربوا كالفتيات" و"مكان المرأة هو في البيت الأبيض" و"انتخبتم مهرجا، فتوقعوا سيركا".