المقرر انطلاقه الاثنين المقبل ..

يسود اليمن حالة من التفاؤل المصحوب بالترقب والحذر بشأن نجاح مؤتمر الحوار الوطني المقرر انطلاقه الاثنين المقبل باعتباره أهم إجراء لعملية انتقال السلطة التي تضمنها اتفاق مبادرة دول مجلس التعاون الخليجي وآليتها التنفيذية المزمنة من أواخر نوفمبر 2011م حتى فبراير 2014م. وسيرأس رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي رئاسة مؤتمر الحوار الوطني المكون من تسعة أعضاء وسيتم اختيار بقية أعضاء الهيئة في اليوم لأعمال المؤتمر ليتم توزيعهم على تسع مجموعات عمل لمناقشة ومعالجة 13 قضية مدرجة في برنامج جلسات المؤتمر أبرزها القضية الجنوبية وقضية صعدة. وطبقاً للقرارات المعلنة من اللجنة سيشارك في أعمال المؤتمر عدد من المكونات الأساسية، هي الأحزاب السياسية ، شباب الثورة، الحراك الجنوبي، الحوثيون، منظمات المجتمع المدني ، والنساء والمكون الرئاسي، وهؤلاء سيمثلون ب 565 شخصاً، يمثل المؤتمر الشعبي العام وحلفائه (النظام السابق) بواقع 112 مقعداً و144 مقعداً لأحزاب اللقاء المشترك وشركائها وسبعة مقاعد لحزب الرشاد السلفي، 85 مقعداً للحراك الجنوبي، 35 للحوثيين، 120 للشباب المستقلين والنساء المستقلات ومنظمات المجتمع المدني، بمعدل 40 مقعداً لكل مكون، في حين تركت 62 مقعداً لرئيس الجمهورية سيتولى تحديد شاغليها من الفئات الأخرى، ومنها وجهاء القبائل ، والفئات المهمشة ، واليهود، والمغتربين. وكشفت مصادر في اللجنة الفنية للحوار الوطني أن رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي سيصدر خلال الساعات القليلة القادمة قراراً جمهورياً يدعوا فيه إلى عقد المؤتمر في موعده المحدد وإصدار لائحته الداخلية وأسماء المشاركين فيه، كما سيتم خلال اليومين القادمين حسم واحدة من القضايا الخلافية بين الأحزاب وهي القضية الخاصة بقائمتي الشباب والمرأة المشاركين في مؤتمر الحوار الوطني. وذكر أمين عام مؤتمر الحوار الوطني أحمد عوض بن مبارك أن التحضيرات الخاصة بافتتاح المؤتمر تسير بشكل مرضٍ وايجابي كون الحدث هام ويعلق عليه أبناء الشعب اليمني الآمال والطموحات للخروج بالوطن إلى بر الأمان . وأقر تكتل اللقاء المشترك الذي يضم ستة أحزاب سياسية وهي الشريك الثاني والرئيسي في عملية الانتقال السلمي للسلطة معالجات استراتيجية لإنهاء الخلافات المتفاقمة بين أقطابه على خلفية تقاسم حصصها في مؤتمر الحوار البالغ عددها 137 مقعداً استحوذت أحزاب الإصلاح والاشتراكي والناصري على 117 مقعد منها. وقال نائب أمين عام الحوار الوطني ياسر الرعيني في تصريح صحفي " أن التصويت على قرارات فرق العمل التسع سيتم في الجلستين الثانية والثالثة اللتان ستعقدان لعدة أيام منتصف وآخر فترة مؤتمر الحوار الوطني وأنه سيتم في أيام الجلسة العامة الأولى التي ستبدأ الثلاثاء في فندق موفنبيك بالعاصمة صنعاء اختيار لجنة التوافق التي ستضم في عضويتها بعض أعضاء اللجنة التحضيرية للحوار المنتهية ولايتها الاثنين للعمل على إنهاء النزاعات والخلافات بين أعضاء الفرق التسع ووضع مقترحات توافقية. ودخلت الترتيبات لانعقاد مؤتمر الحوار الوطني مرحلة حرجة للغاية مع موعد انطلاقه ، حيث بدأت اللجنة العسكرية المؤلفة بموجب المبادرة الخليجية خطة تأمين الحوار الذي يشكل أهم استحقاقات مبادرة الخليج لنجاح التسوية السياسية التي يرى الكثيرون عدم انعقاد المؤتمر معناه انزلاق اليمن إلى دوامة العنف. ويجمع مؤتمر الحوار الوطني المرتقب للمرة الأولى في تاريخ اليمن المعاصر سائر فرقاء الأزمة وأقطاب الصراع السياسي والمسلح على طاولة واحدة للحوار لبحث ثلاثة ملفات كبيرة ومتشابكة يصعب فصلها يتصدرها ملف الإصلاح السياسي والاقتصادي الشامل وتطوير البنية التشريعية والقانونية الذي يضم قضايا الإصلاح الدستوري وصياغة دستور جديد يحدد شكل النظام السياسي والانتخابي، ووضع لبنات النظام الديمقراطي الكامل. ويشمل الملف الثاني أكثر المشكلات اليمنية تعقيداً المتمثلة بالقضية الجنوبية ودورات العنف في صعدة وقضية إنهاء الانقسام في صفوف الجيش وهيكلة القوات المسلحة والأمن والقضايا المتصلة بالدستور الجديد. ويحتوي الملف الثالث ما تبقى من استحقاقات اتفاق التسوية السياسية والترتيبات القانونية والإدارية للمصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية والتدابير اللازمة لضمان عدم حدوث انتهاكات لحقوق الإنسان والقانون الإنساني مستقبلاً، ووسائل تعزيز حماية الفئات الضعيفة وحقوقها والنهوض بالمرأة، والاسهام في تحديد أولويات برامج التعمير والتنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة وآليات توفير الخدمات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وللمرة الأولى أبدت صنعاء حزماً قوياً في التعامل مع مطالب الحراك الجنوبي الذي هدد بالتصعيد، وبدا ذلك واضحاً في تصريحات الرئيس هادي التي أفصح فيها عن مؤامرات تدار من الخارج تستهدف زعزعة الأمن وأموال مدنسة تنفق على الخارجين عن القانون لتنفيذ مخططات تستهدف زعزعة أمن المنطقة وتعهد بمعاقبة الضالمين في هذه الأعمال. أكثر من ذلك إعلانه إخضاع من يقاومون التسوية والحوار الوطني إلى محاكمات جنائية في محكمة العدل الدولية بالتزامن مع وصف صنعاء قادة الحراك الجنوبي المطالبين بفك الارتباط بين شمال اليمن وجنوبه، بأنهم متآمرون ومأجورون وتحذيرها من تداعيات خطيرة نتيجة دعوة هؤلاء إلى العصيان المدني الذي قالت إنه سيؤدي إلى سفك الدماء وأعمال عنف وتخريب. ويعول أكثر اليمنيين كما حال المجتمع الدولي، على مؤتمر الحوار ليس في حل المشكلات المنصوص عليها في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وحسب، بل في التعقيدات والمشكلات التي انتجتها تقاطعات الثورة الشبابية وعملية التسوية السياسية التي يرى كثيرون أنها لا تقل خطورة عن التعقيدات التي ستواجه مشروع بناء اليمن الجديد على أسس الديمقراطية والعدالة والحكم الرشيد. وما يخشاه كثيرون أن يفضي المؤتمر إلى خطط دولية غير قابلة للتطبيق، أو تحظى بالقبول من القوى السياسية والمكونات الاجتماعية كأمر واقع في غياب النيات لتنفيذها والتنصل عن الانخراط في معادلة التحول السياسي ، خصوصاً في ظل التنافر بين قوى الثورة وأركان النظام السابق الذي يعد شريكاً أساسياً في معادلة التغيير ، كما يستحوذ على نصيب كبير من مقاعد المشاركين في مؤتمر الحوار، ما سيجعل مسألة اتخاذ القرارات الملائمة عسيراً للغاية. ويعلم أكثر الساسة اليمنيين أن مؤتمر الحوار الوطني إن لم يقف أمام المشكلات اليمنية بجدية وتوافق يفضي إلى تصورات تخدم مشروع بناء اليمن الجديد، فإنه قد يُعقّد المشكلات ويعمقها، خصوصاً إن جرى تنظيمه على شكل تظاهرة سياسية استجابة لضغوط الخارج. وفي المقابل، فإن أكثر القوى السياسية تؤكد أنه لا بديل أمام اليمن لتجاوز محنه القديمة والجديدة سوى الجلوس إلى طاولة الحوار والتوافق، خصوصاً أن البديل هو الانزلاق في دوامة عنف، الخاسر فيها هو اليمن أولاً وأخيراً.