تفاصيل الضربات الأمريكية على إيران

قاذفة شبحية من طراز B-2 Spirit bomber تحلق فوق قاعدة أميركية في ولاية ميزوري. 14 سبتمبر 2024 - via REUTERS

تدخلت الولايات المتحدة بشكل حاسم في حرب إيران وإسرائيل، الأحد، بعد أن أمر الرئيس دونالد ترامب، بقصف 3 مواقع نووية إيرانية، بقنابل خارقة للتحصينات وصواريخ، ما أقحم واشنطن بشكل مباشر في الصراع المتصاعد، رغم تمسك الرئيس الأميركي بالأمل في تسوية دبلوماسية.

وأكدت إيران، عدم وجود "أي علامات تلوث" في مواقعها النووية في "أصفهان" و"فوردو" و"نطنز" بعد أن استهدفت الضربات الجوية الأميركية المنشآت.

وليس من الواضح ما إذا كانت الولايات المتحدة ستواصل مهاجمة إيران إلى جانب حليفتها إسرائيل التي تخوض حرباً منذ 9 أيام مع إيران.

وأشارت وكالة "أسوشيتد برس" الأميركية، إلى أن ترمب تصرف دون تفويض من الكونجرس، محذراً من أنه ستكون هناك ضربات إضافية إذا ردت طهران بعمليات انتقامية ضد القوات الأميركية.

وفي خطاب ألقاه في وقت متأخر من الليل من البيت الأبيض، وعبر منشورات على منصته للتواصل "تروث سوشيال" (Truth Social)، وصف ترمب القصف بأنه "ناجح تماماً".
أول هجوم منذ 46 عاماً

وقال ترمب في خطابه من البيت الأبيض الذي استغرق 4 دقائق: "كان هدفنا تدمير قدرة إيران على تخصيب اليورانيوم، ووقف التهديد النووي الذي تشكله الدولة الأولى الراعية للإرهاب في العالم"، بحسب تعبيره.

وأضاف: "حققت الضربات نجاحاً عسكرياً مذهلاً"، وأضاف: "مُحيت المنشآت النووية الإيرانية الرئيسية لتخصيب اليورانيوم بشكل كامل وكلي"، محذراً طهران من أنها "ستواجه مزيداً من الهجمات إن لم توافق على السلام".

وقال ترمب، محاطاً بنائبه ووزير خارجيته ووزير دفاعه: "ينبغي على إيران، متنمر الشرق الأوسط، أن تصنع السلام الآن. إذا لم يفعلوا ذلك، فإن الهجمات المستقبلية ستكون أكبر بكثير وأسهل بكثير".

وبعد أن شنّ الرئيس ترمب، أول ضربة عسكرية أميركية كبيرة على الأراضي الإيرانية منذ الإطاحة بشاه إيران المدعوم من الولايات المتحدة في عام 1979، نشر البيت الأبيض صوراً للرئيس وكبار مستشاريه وهم يتشاورون في غرفة العمليات، وكان من اللافت غياب مديرة الاستخبارات الوطنية تولسي جابارد، التي كانت على خلاف مع ترمب في الآونة الأخيرة بشأن استهداف إيران.

وقال المركز الوطني الإيراني للسلامة النووية، إنه لا توجد "أي علامات تلوث" بعد أن أجرى عمليات تفتيش في المناطق المحيطة بالمنشآت النووية التي تعرضت للضربات الأميركية، بحسب وكالة "مهر" الإيرانية شبه الرسمية للأنباء.

وقالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية عبر منصة "إكس"، إنه لم يتم الإبلاغ عن أي "زيادة في مستويات الإشعاع خارج الموقع" من المواقع الثلاثة التي تعرضت للقصف الأميركي.
تفاصيل الهجمات

وقال الرئيس الأميركي ترمب، إن الولايات المتحدة استخدمت 6 قنابل خارقة للتحصينات في الهجوم على منشأة "فوردو" النووية الإيرانية، فيما استخدمت 30 صاروخاً من طراز "توماهوك" في الهجوم على مواقع نووية أخرى.

وذكر مراسل شبكة FOX NEWS في البيت الأبيض، شون هانيتي، أنه تحدث مع ترمب، الذي أبلغه بأن واشنطن المتحدة استخدمت 6 قنابل خارقة للتحصينات لاستهداف منشأة "فوردو" النووية الإيرانية تحت الأرض.

وأشارت الشبكة، إلى أنه كان يُعتقد في السابق، أن قنبلتين خارقتين للتحصينات ستكونان كافيتين لتدمير الموقع.

وأضاف هانيتي، أن موقعي "نطنز"، و"أصفهان" تعرضا لـ30 صاروخاً من طراز "توماهوك"، أطلقتها غواصات أميركية على بعد نحو 400 ميل (نحو أكثر من 600 كيلومتر).

وكتب ترمب على منصته للتواصل "تروث سوشيال" (Truth Social): "تم إسقاط حمولة كاملة من القنابل على الموقع الرئيسي، فوردو، لا يوجد جيش آخر في العالم يمكنه القيام بذلك. الآن هو وقت السلام!".

وأضاف الرئيس الأميركي منشوراً من حساب استخباراتي مفتوح المصدر، يزعم أن "فوردو انتهى".

ولم يعلن البيت الأبيض ووزارة الدفاع الأميركية (البنتاجون) أي تفاصيل فورية حول العملية العسكرية. ومن المقرر أن يقدم قادة عسكريون أميركيون جلسة إحاطة إعلامية في الساعة الثامنة صباحاً بتوقيت شرق الولايات المتحدة (12:00 بتوقيت جرينتش).
37 ساعة من الطيران

وقال مسؤول أميركي طلب عدم كشف هويته، في تصريحات لصحيفة "نيويورك تايمز"، إن طائرات B-2 التي ضربت المواقع النووية الإيرانية في وقت مبكر، الأحد، حلقت دون توقف لمدة 37 ساعة تقريباً من قاعدتها في ميزوري، حيث قامت بالتزود بالوقود عدة مرات في الجو.

وقال مسؤول آخر، إن 6 قاذفات من طراز B-2 أسقطت عشرات القنابل الخارقة للتحصينات زنة 30 ألف رطل على موقع فوردو النووي، الذي يقع في أعماق الأرض، وأطلقت غواصات تابعة للبحرية الأميركية، 30 صاروخ طراز TLAM على موقعي "نطنز" و"أصفهان".

كما أسقطت إحدى قاذفات B-2 قنبلتين خارقتين للتحصينات على "نطنز"، بحسب المسؤول الذي طلب عدم كشف هويته.

ونقلت صحيفة "واشنطن بوست" عن مسؤول أميركي مطلع على العملية العسكرية، أن الهجمات شملت قاذفات من طراز B-2 Spirit، كما كان متوقعاً على نطاق واسع، بالإضافة إلى طائرات مقاتلة أخرى.

وأضاف المسؤول، الذي طلب عدم كشف هويته، أن الطائرات أسقطت العديد من القنابل الخارقة للتحصينات التي تزن 30 ألف رطل، والمعروفة في سلاح الجو باسم "العتاد الخارق الضخم" (MOP).

وفي وقت سابق، قال مسؤول أميركي مطلع، إن عدة قاذفات طراز B-2 Spirit، كانت تشق طريقها غرباً فوق المحيط الهادئ السبت.

وذكرت الصحيفة، أنه ما بين الساعة 10:09 مساء الجمعة بتوقيت المنطقة الزمنية الوسطى في الولايات المتحدة (03:09 صباح السبت بتوقيت جرينتش) والساعة 10:30 مساءً، تم رصد 8 طائرات من طراز KC-135 Stratototankers، وهي طائرات تستخدم للتزود بالوقود أثناء الطيران ورفع المعدات الثقيلة، على مواقع تتبع الرحلات الجوية وهي تقلع من قاعدة ألتوس الجوية في أوكلاهوما.

كانت الطائرات جميعها متجهة في مسار متطابق لتزويد طائرات بالوقود بعد إقلاعها من قاعدة وايتمان الجوية في ميزوري، التي تبعد نحوالي 420 ميلاً (675.92 كيلومتر) إلى الشمال الشرقي.
أول استخدام لقنبلة GBU-57A/B

ونقلت شبكة CNN عن مسؤول أميركي قوله، إن الولايات المتحدة استخدمت 6 قاذفات من طراز B-2 لإسقاط عشرات القنابل "الخارقة للتحصينات" على موقع "فوردو" النووي.

وقال مصدران مطلعان على العملية، إن القنابل المستخدمة في الضربات كانت من طراز GBU-57A/B ، المعروفة باسم "القنابل الخارقة للتحصينات".

سلط خبراء الضوء على هذا الطراز من القنابل، باعتباره النوع الوحيد القادر على تدمير منشأة "فوردو" النووية الإيرانية تحت الأرض.

صُممت هذه القنبلة التي تزن 30 ألف رطل مع 6 آلاف رطل من المتفجرات لـ"الوصول إلى أسلحة الدمار الشامل لدى خصومنا الموجودة في منشآت محمية بشكل جيد وتدميرها"، وفق بيانات القوات الجوية الأميركية.

وبحسب CNN، فإن هذا الهجوم يعد أول مثال معروف لاستخدام القنبلة في العمليات العسكرية الأميركية.
تنسيق أميركي إسرائيلي

وأشارت CNN إلى أن الضربات الأميركية على المواقع النووية الإيرانية، التي حددها ترمب في وقت سابق بأنها "فوردو" ونطنز" وأصفهان"، سترفع حدة التوترات في البلاد إلى حد كبير، وترقى إلى أحد أكثر الخيارات أهمية في بداية فترة رئاسة ترمب الثانية.

ولفتت CNN إلى أن خطوة استهداف منشأة "فوردو" على وجه الخصوص، التي فكر فيها رؤساء أميركيون متعاقبون، ولكنهم قرروا في النهاية عدم القيام بها، ستدخل ترمب الآن بشكل مباشر في أزمة متزايدة كان يأمل في السابق نزع فتيلها من خلال الدبلوماسية.

وجاء قرار الاستهداف المباشر لإيرانk بعد أيام من إعلان البيت الأبيض، أن ترمب حدد أسبوعين لتقرير ما إذا كانت الدبلوماسية ممكنة لتسوية النزاع.

وهذه هي المرة الأولى منذ عدة عقود، منذ الثورة الإيرانية في عام 1979، التي يقوم فيها رئيس أميركي بنشر عتاد تابع لسلاح الجو لاستهداف منشآت رئيسية في البلاد.

وفي تصريحاته صباح الأحد، وصف ترمب نفسه في تصريحاته بأنه معارض منذ فترة طويلة للسماح لإيران بامتلاك سلاح نووي. وقال: "قررت منذ وقت طويل أنني لن أسمح بحدوث ذلك".

وقال مسؤولان مطلعان لشبكة CNN، إن الولايات المتحدة أبلغت إسرائيل بالضربات قبل تنفيذها. وقال مسؤولان في البيت الأبيض، إن ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تحدثا بعد الضربات.

وقال ترمب خلال كلمته إنه عمل بشكل وثيق لتنسيق الهجمات في إيران مع نتنياهو، والذي أشاد بقرار ترمب قائلاً إنه "سيغير التاريخ".

في المقابل، حذّر وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في منشور على منصة "إكس" من أن الهجمات الأميركية "ستكون لها عواقب أبدية"، وأن طهران "تحتفظ بجميع الخيارات" للرد.

ودعا السفير الإيراني لدى الأمم المتحدة، إلى عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن لمناقشة ما وصفه بـ"الهجمات الأميركية الشائنة والاستخدام غير القانوني للقوة" ضد إيران.

وفي الوقت الذي كان ترمب يدرس فيه قراره، كانت إيران قد تعهدت بالرد على أي "عدوان أميركي"، وبدأت واشنطن حشد أصول عسكرية أميركية في المنطقة استعداداً لأي عمل انتقامي من طهران. 
آمال العودة إلى المفاوضات

ويبدو أن ترمب يأمل في أن تدفع الضربات طهران إلى العودة إلى المفاوضات، ولا توجد خطط لاتخاذ إجراءات أميركية إضافية داخل إيران، بينما يضغط على القادة الإيرانيين لـ"الموافقة على إنهاء هذه الحرب"، وفق مصادر مطلعة.

كان ترمب توصل إلى قناعة خلال الأيام القليلة الماضية، بأن تدخل القوات الأميركية، ضروري للقضاء على منشآت إيران النووية شديدة التحصين، واتخذ القرار عندما بدا واضحاً أن الجهود الدبلوماسية وصلت إلى طريق مسدود.

وقال مصدران مطلعان لـCNN، إن المسؤولين الأميركيين توصلوا إلى الاعتقاد بأن إيران ليست مستعدة للتوصل إلى اتفاق نووي مرضٍ بعد اجتماع القادة الأوروبيين مع نظرائهم الإيرانيين في جنيف، قبل يومين.

وأضافت المصادر، أن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، قال بعد اجتماع جنيف، إن إيران لن تجلس مع الولايات المتحدة دون أن يطلب ترمب من نتنياهو وقف الهجمات الإسرائيلية، وهو أمر لم يكن الرئيس مستعداً للقيام به.

وفي تصريحاته صباح الأحد، وصف ترمب نفسه في تصريحاته بأنه معارض منذ فترة طويلة للسماح لإيران بامتلاك سلاح نووي. وقال: "قررت منذ وقت طويل أنني لن أسمح بحدوث ذلك".

وأكدت إيران أن برنامجها النووي مخصص للأغراض السلمية فقط، وأظهرت تقييمات وكالات الاستخبارات الأميركية أن طهران لا تسعى بنشاط لامتلاك قنبلة نووية.

مع ذلك، قال ترمب وقادة إسرائيليون، إن إيران قادرة على تجميع سلاح نووي بسرعة، مما يجعلها تهديداً وشيكاً.