صحيفة بريطانية: اجتماع السعودية مع الحوثيين يضفي الشرعية على حكومتهم ويزيد من ترسيخ نفوذ طهران في اليمن

وصفت صحيفة "ميدل ايست مونيتور" البريطانية، الزيارة السعودية الأخيرة إلى صنعاء ولقاءها لمليشيا الحوثي التي تقود ضدها تحالفا عسكريا منذ 26 مارس 2015م، بتحول مفاجئ، ليس من شأنه إلا إضفاء الشرعية على حكومة المليشيا وترسيخ نفوذ طهران في البلاد.

وقالت الصحيفة، إن زيارة السفير السعودي والوفد المرافق له إلى العاصمة صنعاء، و"عقد اجتماع مع قيادة الحوثيين في صنعاء يوم الأحد الماضي تحول مفاجئ للأحداث". وهو "ما يمثل تحولاً محتملاً في ديناميكيات الصراع الطويل الأمد في اليمن"، بحسب الصحيفة التي أشارت إلى أن ذلك "يأتي ذلك في أعقاب تطبيع العلاقات بين السعودية وإيران، وهي خصم إقليمي، مما يشير إلى احتمال إعادة تقويم نهج الرياض تجاه اليمن وحكومتها المعترف بها دوليا".

وأضافت: "التحول السعودي في السياسة تجاه إيران أثار الدهشة وأدى إلى تكهنات حول التداعيات المحتملة على موقف المملكة من اليمن".

ولذا، فإن الاعتراف بحكومة الحوثيين يأتي مع مخاطر وتحديات السعودية. واتُهمت مليشيا الحوثي بسوء الإدارة الاقتصادية وانتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك الاعتقالات التعسفية والتعذيب والقيود المفروضة على حرية التعبير والإعلام. كما تعرضت لانتقادات لعلاقاتها الوثيقة مع إيران، وفقا للصحيفة البريطانية.

وتطرقت الصحيفة إلى ما أثارته الزيارة من مخاوف لدى المجتمع اليمني الذي يرفض الفكر الطائفي للحوثيين.
وقالت: "داخليا، أثيرت مخاوف طائفية أيضا من طموحات إحياء الإمامة الزيدية بالإضافة إلى فرض ضريبة الخُمس المثير للجدل".

وكشفت الصحيفة عن المخاوف نتيجة لما قد "يؤدي الاعتراف بحكومة الحوثيين إلى إضفاء الشرعية على هذه الإجراءات وتشجيع الحوثيين في سعيهم لإنشاء حكومة مستقلة في اليمن".

علاوة على ذلك، تقول الصحيفة، "فإن الاعتراف بحكومة الحوثي يعني أيضا إنهاء دعم المملكة للحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، بقيادة مجلس القيادة الرئاسي".

فضلا على أن هذه الزيارة والتقارب ليس ببعيد أن تثمر نتائجه بما تسعى إليه المليشيا الحوثية من تقويض الحكومة الشرعية، والتخلي عنها، حيث تضيف: "ولذا، فإن إنهاء الدعم للحكومة اليمنية يمكن أن يكون له تداعيات بعيدة المدى على المشهد السياسي اليمني ويمكن أن يؤدي إلى مزيد من الانقسام وعدم الاستقرار".

كما أن أحد التحديات الرئيسة للاعتراف بحكومة الحوثيين بصنعاء هو التوازن الدقيق للقوى داخل اليمن. إذ ابتليت البلاد بشبكة معقدة من الخصومات القبلية والإقليمية والطائفية، وقد كافحت الحكومة اليمنية بقيادة هادي، ومؤخرا المجلس الرئاسي برئاسة رشاد العليمي، من أجل الحفاظ على السيطرة وتأكيد سلطتها على سكان البلاد، بحسب الصحيفة.

وأشارت إلى أن "الحوثيين يقاتلون من أجل قدر أكبر من الحكم الذاتي في شمال اليمن منذ سنوات. وقد يؤدي الاعتراف بحكومتهم إلى تشجيعهم وإضعاف موقف الحكومة اليمنية، والتي تتصارع بالفعل مع الانقسامات الداخلية والتهديدات الخارجية من الجماعات المتطرفة مثل القاعدة وداعش".

أما التحدي الآخر فترى الصحيفة أنه يكمن في "التداعيات الإقليمية لقبول السعودية بحكومة الحوثيين كحكومة اليمن الشرعية. ولطالما نظرت السعودية إلى الصراع في اليمن من منظور تنافسها مع إيران التي تتهمها بتسليح ودعم الحوثيين وحلفائهم في القوات المسلحة".

في الوقت نفسه "قد يُنظر إلى اعتراف الرياض بحكومة الحوثيين على أنه انتصار لإيران وسيزيد من ترسيخ نفوذ طهران في اليمن، الذي تعتبره المملكة تهديدا لأمنها وهيمنتها الإقليمية".

ولم تستبعد الصحيفة، أن هذا التقارب الذي يتعارض مع الأهداف التي قادت هذا التحالف من أجلها، "قد يؤدي ذلك إلى إعادة إشعال التوترات في العلاقة الدقيقة بين السعودية وإيران في المستقبل، مما سيكون له تداعيات أوسع على المنطقة".

وتأتي هذه المخاوف في ظل الصلف الحوثي، والتشبث بفكرة حكم البلاد من منظور عنصري لا يقبل بالشراكة، وهو ما تقرره المليشيا وترجعه إلى "الحق الإلهي" الموعودة به من السماء، وهو الاستحقاق الذي ترى أنه يمنحها حقوقا آخرها ليس اقلها فرض "الخُمس" على كل ما فوق الأرض وتحتها من ثروات بما فيها أملاك المواطنين وما يجنونه من تجارتهم أو أعمالهم.

للمزيد..

بعد 8 سنوات حرب.. هل يخرج اليمن من بين مطرقة الحوثي وسندان السعودية؟