أكاديمية أمريكية: الحوثي الوجه الآخر لحزب الله في تهريب الأسلحة

كشفت دراسة أجراها باحثون مختصون في مركز مكافحة الإرهاب لدى أكاديمية "ويست بوينت" العسكرية الأمريكية، عن تاريخ الحركة الحوثية في اليمن منذ التأسيس، مشيرة إلى أن إدارة الحوثيين للمؤسسة العسكرية وإجراءات التعبئة الجهادية تشبه إلى حد كبير جهود الحرس الثوري الإيراني أو حزب الله اللبناني في عسكرة المجتمع وإنشاء البنية التحتية للتعبئة الدائمة. لا سيما وقد حشدت الدراسة الكثير من الاستدلالات فيما يخص عمق العلاقة بين هذه الحركات عبر مراحل عدة.

قالت الدراسة إن الهدنة التي "رعتها الأمم المتحدة بين الحوثيين والمجلس الرئاسي اليمني الذي تشكل مؤخرا" ووصفتها بـ"الهشّة" انتهت، مضيفةً: "ويمكننا القول إن الحوثيين يمتلكون مفتاح وقف دائم لإطلاق النار في اليمن. وكقوة متمردة تسيطر الآن على جزء كبير من الدولة اليمنية، من المرجح أن يُطالب الحوثيون التخلي عن بعض مكاسبهم مقابل سلام دائم، وقد لا يرحب بهذا السلام أقوى داعمي الحوثيين، وتحديدا إيران وحزب الله اللبناني".

وبحسب الدراسة "لا يزال الحوثيون يشكلون تهديدا عسكريا للممرات التجارية والملاحية في البحر الأحمر وكذا أمن الولايات المتحدة وشركائها في الشرق الأوسط. كل هذه الاعتبارات تتطلب فهماً ادق للقيادة السياسية والعسكرية للحوثيين، ودوافعها الأساسية، وطبيعة ومدى نفوذ ايران وحزب الله اللبناني داخل الحركة الحوثية ذاتها".

ومن وجهة نظر الدراسة "فإن حركة الحوثيين أصبحت الآن أكثر مركزية وتماسكا، ويرجع ذلك جزئيا إلى ادارتها من قبل حزب الله اللبناني والحرس الثوري الايراني بشكل وثيق. يبرز مجلس "الجهاد الحوثي" كشريك بارز لإيران، ولا ينبغي اعتباره علاقة ضرورة، بل تحالف قوي وعميق الجذور يرتكز على تقارب أيديولوجي قوي وتحالف جيوسياسي"، مشيرة إلى انه بات من الممكن القول "إن ظهور "حزب الله الجنوبي" بات الآن حقيقة على أرض الواقع".

الدراسة وهي تستعرض ابرز نقاط قوة الحركة الحوثية حاليا، وتحالفاتها السياسية والعسكرية والاقتصادية، عادت الى بداية تكوينها في محافظة صعدة معقل مؤسس الحركة المدعومة إيرانياً، واستعرضت بعمق مراحل النشأة لأهمية ابعاد ما ترمي إليها بمشروعها، ليس على اليمن فحسب، وانما المنطقة.

تقول الدراسة: "كان بدر الدين الحوثي المؤسس الحقيقي والفعلي للحوثيين، واستفاد من زيجاته الأربع من عدة أسر في محافظة صعدة شمال اليمن والتي انجب منها 13 ولدا، في تأسيس تحالف قبلي يسنده ويتكفل بحمايته ومشروعه القادم، كما أشارت ماريكي برانت، عالمة الأنثروبولوجيا البارزة إلى أن قبائل خولان في صعدة كانت الحاضنة الأولى لحركة الحوثيين".

بحلول أوائل التسعينيات، تأثر حسين بدر الدين بفكر المرشد الأعلى الأول لإيران آية الله روح الله الخميني وأسامة بن لادن. وزار والده بدر الدين إيران وبيروت باقامة متقطعة بين الاعوام 1979 وقبل وفاته 2010، وكان يأخذ حسين وبعد ذلك بعض أبنائه الآخرين معه، لا سيما ابنه الخامس محمد (المولود حوالي عام 1965)، وابنه التاسع، عبدالملك (ولد حوالي 1979)، وكلاهما كانا طالبي دين متعطشين وأشرف على تعليمهما بدر الدين ووطد علاقتهما مع عائلات صعدة.
وفي العام 1994، بدأ بدر الدين وابنه حسين بإرسال 40 طالبا دينيا سنويا إلى مدينة قم - وهو تدفق من شأنه أن ينتج في النهاية حوالي 800 طالب تم تدريبهم في قم، قيل إن بعضا منهم قد تم إعدادهم من قبل الحرس الثوري الإيراني بتدريب شبه عسكري.
وفي 1999 -2000، قضى حسين بدر الدين عاما كاملا في الدراسات الدينية في الخرطوم في وقت كان السودان فيه أكثر المحطات الخارجية نشاطا في الحرس الثوري الإيراني ووزارة المخابرات والأمن على البحر الأحمر، ثم ذهب حسين من السودان إلى إيران، وعندما عاد من قم، جلب معه الشعار سيء السمعة الذي أشاع حركة الحوثيين المسمى بـ"الصرخة". والحديث هنا ما يزال لمؤلفي الدراسة في اكاديمية "ويست بوينت" العسكرية الأمريكية.

وتشير الدراسة إلى ان حسين الحوثي ووالده بدر الدين، كانا "عازمين على كسر قالب الإسلام السياسي في شمال اليمن المعروف بـ"الهادوية" المنتشرة في صعدة والتي تعطي تفوقاً عرقياً لمن يدعّون بانهم من "نسل النبي" على أبناء القبائل وتحصر الحكم فيهم ويتطلعان إلى نموذج الثورة الإسلامية في إيران وحزب الله اللبناني للإلهام والأفكار والدعم".

مدارس "قم"

وتوضح الدراسة أن "كل العوامل آنفة الذكر، شكلت تكوين قيادة الحوثيين التي ظهرت في عهد حسين ودخلت أولى الحروب الست التي اندلعت بين الحكومة اليمنية وجماعة الحوثيين في 2004 -2010. وتولى حسين قيادة مجموعة كبيرة من رجال قبائل خولان، بما في ذلك مئات الطلاب المتدينين الذين تم إرسالهم إلى مدارس "قم" الدينية وأكثر من 10 آلاف شاب تم إرسالهم من خلال المعسكرات الصيفية للشباب المؤمن والبرامج الاجتماعية أو التعليمية تحت إشرافه داخل اليمن، وأظهر هذا الكادر الأولي للحوثيين بعض الخصائص الثابتة للقيادة والسيطرة الحوثية".

ومن نظر مؤلفي هذه الدراسة فإن حركة الحوثي فضلت عضوية المقاتلين الذين كانوا مع حسين الحوثي منذ بداية الحروب الست في عام 2004، حيث كان لهذا الكادر مزايا على جميع المنضمين لاحقا نظرا لطول أمد ولائهم، وخدمتهم الحربية، ومن الأمثلة على هؤلاء المنضمين الأوائل الذين تم ترقيتهم، القادة العسكريون الرئيسيون في صعدة يوسف المداني وعبد الله يحيى أبو الحاكم، والذي وصفته مؤرخة حركة الحوثيين ماريكي برانت بأنه الرجل الثاني لعبد الملك الحوثي. كما أن القيادة في السنوات التي سبقت استيلاء الحوثيين على الحكومة عام 2014، كانوا ممن يسمون انفسهم بـ"السادة"، باستثناء أن أقرب أصدقاء حسين وحليفه قبل وفاته في عام 2004، عبد الله عيضة الرزامي، وهو سياسي قبلي من نفس العمر، كان بمثابة ذراعه اليمنى في حرب الحوثيين الأولى في اليمن 2004.

وعن العلاقة العسكرية العميقة بين النظام الايراني واذرعه في المنطقة سواء حزب الله اللبناني أو جماعة الحوثي في اليمن، لفتت الدراسة إلى انه "لم يعد خافيا على أحد أن (فيلق القدس التابع للحرس الثوري الايراني) وحزب الله اللبناني دعموا التوسع الإقليمي والعمليات العسكرية للحوثيين: بالإضافة إلى تصريحات الأمم المتحدة والولايات المتحدة بهذا الشأن، فإن الحرس الثوري نفسه يعترف بدعمه للحوثيين".

ولان الحركة أُسست في صعدة اليمنية عبر الحوثي "الأب"، لاختيارها من قِبَل النظام الإيراني مركزا لانطلاق مشروع توسعي، وضعت الاخيرة في رأس قيادة الحركة شخصيات من كبار قياداتها العسكرية بينهم خبراء عسكريون من حزب الله اللبناني الموالي لطهران أيضاً.

ذلك أيضا ما لم تغفل عنه الدراسة التي ذكرت انه "إلى جانب عبدالملك، يشكل "المساعد الجهادي" وهو شخصية معينة من الحرس الثوري الإيراني، وينوبه شخص من حزب الله اللبناني ثالوثًا في قلب آلة الحوثيين الحربية، حيث يستخدم الحرس الثوري الإيراني - فيلق القدس - لقب "المساعد الجهادي" - لوصف ضابط الارتباط الكبير مع المجموعة الحوثية، ولديه نائب لبناني من حزب الله، ما يشير إلى نوع من تفاعلات الحرس الثوري الإيراني - فيلق القدس مع الشركاء والوكلاء (كما في لبنان والعراق). أما النقطة الأساسية هي أن المساعد الجهادي هو دائما المستشار العسكري الأول للقائد وفي حالة عبد الملك الحوثي، فهناك ضابط إيراني في الحرس الثوري الإيراني يساعده نائب من حزب الله اللبناني".

ومن الواضح ان الطبيعة الدقيقة للعلاقة بين عبدالملك والمساعد الجهادي هي سر خاضع لإجراءات مشددة، لكن إجراء مقابلات دقيقة مع أشخاص على علاقة بالمؤسسة الامنية للحوثيين يمكن أن يبدأ في تكوين صورة مثيرة للاهتمام، فعلى الرغم من عدم معرفة الهوية الدقيقة للمساعد الجهادي الحالي علنا، إلا أن المسؤول السابق في الحرس الثوري الإيراني - فيلق القدس الذي لعب الدور كان العميد في الحرس الثوري الإيراني، عبد الرضا شهلائي، ويتمثل دوره في تقديم المشورة للزعيم الحوثي في "مسار الأعمال الجهادية والعسكرية الاستراتيجية" و "أن يكون شريكا في اتخاذ القرارات العسكرية".

استنساخ إيراني

وفيما يتعلق بالتأثير الإيراني على القرارات الاستراتيجية الرئيسية للحوثيين - مثل الدخول في وقف إطلاق النار أو الخروج منه، أو شن هجمات استراتيجية على دول الخليج - لا توجد بيانات موثوقة. وبحسب تقييم المؤلفين، لدى المساعد الجهادي الإيراني والدائرة المقربة من عبد الملك دوافع قوية لإخفاء أي دليل على النفوذ الإيراني من أجل تجنب الإضرار بمصداقية عبد الملك كزعيم يمني قائم بذاته، حيث تستخدم إيران نفوذها، فقد يكون في كثير من الأحيان عليها توخي الحذر وتجنب الإفراط في الوصول والأدلة السردية التي تشير إلى أن إيران تميل إلى النظر بقلق إلى الأعمال الهجومية الرئيسة التي يقوم بها الحوثيون.

ولأن النظام الايراني يمول العديد من الحركات المسلحة في المنطقة العربية، سعيا في تحقيق اهداف مشتركة، لم يستطع الافلات من شراك الاستنساخ، كما ان الحركات نفسها لم تنجُ من الاجهار في تعاطفها مع بعضها ودعمها لمواقف كل منها، حد التورط في التعاون المشترك بالخبرات البشرية. وهو ما اكدته الدراسة التي قالت: إن "مجلس الجهاد الحوثي" (استنسخ عن حزب الله ويعتبر أعلى سلطة في الهيكل القيادي لمليشيا الحوثي ويقوده عبدالملك الحوثي) يبرز كشريك بارز لإيران، وأن العلاقة بين الطرفين، ليست علاقة ضرورة، بل تحالف قوي وعميق الجذور يرتكز على تقارب أيديولوجي قوي وتحالف جيوسياسي.

وتضيف: ولمجلس "الجهاد الحوثي" تشابه لا لبس فيه مع مجلس الجهاد التابع لحزب الله اللبناني، بما في ذلك مركزية وظائف الاستخبارات ومكافحة التجسس.
كما أن زعيم المليشيا الحوثية (عبدالملك الحوثي) يرأس "مجلس الجهاد". وبحسب تقييم مؤلفي هذه الدراسة، هناك الكثير من الأدلة على أن عبد الملك نادرا -إن وجد- يلتقي جسديا بكل أعضاء مجلس الجهاد بسبب الاحتياطات الأمنية الصارمة التي يتخذها، ولا يلتقي بأي قادة حوثيين آخرين، باستثناء أحمد حامد وأحسن الحمران.

وتشير الى ان "لمجلس "الجهاد الحوثي" أمانة صغيرة، هي مكتب الجهاد، ويقودها أحد الموالين لعبد الملك المعروف باسم (الأمين العام أو المقرر) أبو محمد، بالإضافة إلى ممثلين إيرانيين ولبنانيين".

وطبقا للدارسة فإن الأعضاء الكاملين المتبقين في مجلس الجهاد يشملون مراقبا من المجلس العام (الذي يمثل أيضا المجلس التنفيذي)، مسؤول العمليات، ومسؤول المناطق العسكرية، ومسؤول تحضيرات الجهاد، ومسؤول القوات الخاصة، والمسؤول الأمني، ويساعد مسؤولو العمليات والمناطق العسكرية في مهام التنسيق العملياتي عبر المناطق العسكرية الجغرافية المختلفة، ويركز مسؤول إعداد الجهاد على قضايا التجنيد والتلقين وتكوين القوة.

انتفاضة 2 ديسمبر

ولان جل ما كانت تخشاه الحركة بعد انقلابها على النظام في 21 سبتمبر/ أيلول 2014، وسيطرتها عسكريا على العاصمة صنعاء، هي الشخصيات ذات القاعدة الشعبية الواسعة، وانها الوحيدة القادرة على قيادة الشعب في وجه طوفان بطشها، فكان اشعالها لفتيل العنف المسلح هو طوق النجاة الوحيد بالنسبة لها، وهو ما حدث في انتفاضة شعبية قادها الرئيس الاسبق علي عبدالله صالح من قلب صنعاء، رغم ادراكه سلفا بذاك، مؤكدا عليه في خطاب سجله تحت القصف قبل ساعات من استشهاده. لايمانه بان قيادته لهذه الانتفاضة سيبعث روح المقاومة في الشعب. إلا ان استشهاده اربك الشارع اليمني الذي اصبح شبه فارغ من ظهور قيادات وشخصيات بهكذا ثقل شعبي، لتتمكن الجماعة من التوسع عسكريا.

ذلك ما اكدته الدراسة التي علقت بالقول: "كما أن تصفية الرئيس اليمني الراحل علي عبدالله صالح، على أيدي الحوثيين في ديسمبر 2017م مكنت الحركة من السيطرة العسكرية الكاملة وغير المقيدة على حكومة صنعاء لأول مرة، فيما مارس "مجلس الجهاد الحوثي" المؤلف من حوالي تسعة أعضاء، سلطته دون إزعاج".

إن عبدالملك الحوثي ودائرته المقربة من أتباعه - بالنسبة لمؤلفي الدراسة- ليسوا الآن سوى وسطاء ضعفاء، يعززهم أكثر من عقد من النصائح والإجراءات الأمنية الداخلية التي قدمتها إيران وحزب الله اللبناني، لكنها قالت إن قادة الحوثيين يمكن أن يحكموا من خلال "السيطرة الاستبدادية"، وقمع المعارضة وتطبيق منطق القهر والهيمنة تجاه القبائل الشمالية.

وتواصل الدراسة التأكيد على المفهوم القمعي للحركة، مضيفة: وتم تطوير صيغة المجلس الجهادي من قبل حزب الله اللبناني، ويوفر المجلس أيضا بشكل منطقي طريقة آمنة واقتصادية وغير مزعجة لفيلق القدس لتقديم المشورة لحركة الحوثيين كما يقرر "المساعد الجهادي" نوع المساعدة التقنية والأجهزة التي تقدمها إيران وحزب الله، سواء باستخدام فرق التدريب والمخازن داخل البلاد، أو عن طريق طلب متخصصين جدد أو عتاد من إيران ولبنان، حيث إن طاقماً صغيراً من فيلق القدس وحزب الله اللبناني، يقال إن عددهم الآن بالعشرات، وليس المئات يديرون الترتيبات العملية، بما في ذلك تقديم المشورة بشأن تشغيل مجموعة صغيرة من الصناعات العسكرية.

أما نائب المساعد الجهادي في مجلس الجهاد الحوثي من حزب الله اللبناني هو حالياً ضابط معروف باسم "أبو زينب"، له دور أكثر بروزاً في التدريب العملي وتجهيز المهام، وكما أشار أحد المؤلفين (مايكل نايتس)، يتمتع مستشارو حزب الله اللبناني منذ فترة طويلة بحرية تنقل في مناطق الحوثيين في اليمن أكثر من الإيرانيين، فيبدو الحوثيون أقل حساسية لتورط حزب الله من الوجود الإيراني، ربما لأن حزب الله يُنظر إليه على أنه منظمة شقيقة (أكبر) للحوثيين، في حين أن إيران دولة أجنبية، ويمكن لعرب حزب الله (على عكس الإيرانيين) الاندماج بسهولة أكبر مع المضيفين الحوثيين ويبدو أن لديهم قيودا أمنية تشغيلية أقل، مما يسمح لمستشاريهم بزيارة الخطوط الأمامية والتحرك في المناطق العسكرية.

بشكل عام، قد يقوم المحللون بإعادة تقييم طول عمر الدعم العسكري لحزب الله للحوثيين، بالنظر إلى ما قبل عام 2010. وقد تحدث حزب الله نفسه عن تقديم المشورة العسكرية للحوثيين منذ عام 1992، لكن التكثيف الكبير ربما حدث منطقيا بعد ذلك.

تعبئة جهادية

الدراسة التي كرست جهدا كبيرا لتسليط الضوء على الجانب العسكري لدى الحركة الحوثية، تستحضر مكامن اكتسابها القوة داخليا، خصوصا بعد ان باتت تحكم كامل قبضتها على المؤسستين العسكرية والامنية والاجهزة الاستخباراتية للدولة. حيث قالت إن "القوة الرئيسة في وزارة الدفاع هي بيد الفريق أول ركن محمد عبد الكريم الغماري الذي أدرجته الولايات المتحدة والأمم المتحدة في عام 2021 ضمن قوائم العقوبات لتهديده السلام والاستقرار في اليمن من خلال دوره في شراء ونشر المتفجرات والطائرات بدون طيار والصواريخ ضد أهداف داخل وخارج اليمن. والغماري من مواليد 1981، من أبناء جيل عبد الملك، ولد في مدينة الأهنوم (في محافظة حجة، ولكن الآن تتبع عمران) ونشأ في صعدة وتلقى دروسا مدعومة من حسين بدر الدين الحوثي في معسكرات الشباب المؤمن".

واسترسلت في الافصاح عن ما جمعته في هذا الجانب بالقول: ويعمل بشكل مباشر مع الغماري مساعده للوجستيات العسكرية اللواء صالح مسفر الشاعر (أبو ياسر)، وهو مسؤول حوثي مدرج في عقوبات الأمم المتحدة والولايات المتحدة، من مديرية الصفراء شرق صعدة، ولا يرأس الشاعر لوجستيات وزارة الدفاع فحسب، بما في ذلك عمليات التهريب، ولكنه يلعب أيضا دور "الحارس القضائي" لما يقدر بنحو 100 مليون دولار من الأصول المصادرة، وبعضها متاح للاستخدام العسكري. ويدير الشاعر نظاماً فعالاً بشكل ملحوظ لتهريب الأسلحة والتكنولوجيا والوقود الإيراني المتبرع به إلى اليمن، فضلاً عن تزويد الحوثيين بآلية للسيطرة على التهريب المربح للمواد المدنية مثل الأدوية، والغذاء والسجائر وقطع الغيار والسلع الاستهلاكية والأسمدة والمبيدات. وتحت قيادة الشاعر هناك نائبه للمشتريات اللواء محمد احمد الطالبي (ابو جعفر)، ويلعب اثنان من ضباط الاتصال الحوثيين دورا رئيسا في المشتريات تم وصف شخصية غامضة معروفة فقط باسم "أم أس المؤيد" وهو "المنسق الأعلى لعمليات التهريب المتمركزة خارج اليمن"، وسعيد الجمل، يمني آخر مقيم في إيران، عاقبته الولايات المتحدة في 10 يونيو 2021 لإدارة شبكة للتهرب من العقوبات تشمل شركات الشحن والصرافة، ويبدو أن المسؤول الحوثي المقيم في اليمن أكرم الجيلاني ينسق شبكة من رؤساء التهريب للبحر الأحمر (أحمد هيلس) وخليج عدن (عبد الله محروس) وخليج عمان (إبراهيم حلوان وعلي الحلالي).

وبحسب الدراسة "لدى اللواء محمد احمد الطالبي شبكة إعادة شحن تتولى نقل البضائع المهربة بالشاحنات إلى مواقع التخزين الخاصة بهم. يبدو أن هذه الشبكة يقودها أكرم الجيلاني، بالإضافة إلى اللوجيستي اليمني المتدرب في إيران منصور أحمد السعدي".

وهناك جوانب عسكرية اخرى مثيرة للاهتمام في وزارة الدفاع، في ظل سيطرة المليشيا الحوثية عليها ترى الدراسة انها تتمثل في "مشاركتها المتزايدة في التعبئة الجماهيرية".

ووفقا للدراسة "على غرار تبني الدولة لمليشيات تابعة لقوات الحشد الشعبي العراقي، قام الحوثيون بإدراج عدد من مليشياتهم في الهيكل الإداري لوزارة الدفاع من أجل إضفاء الشرعية عليهم ودفع أجورهم ودعمهم، بعض هذه "اللجان الشعبية" كانت موجودة قبل 2014، وهي مليشيا جديدة نشأت لمنح وظائف قتالية مدفوعة الأجر للقبائل المتحالفة مع الحوثيين، كما تتداخل الوحدات الفرعية التابعة للحوثيين داخل ألوية الجيش اليمني الباقية التي يديرها الحوثيون، وعادة ما تكون كوادر صغيرة تتمسك بقائد حوثي أثناء نقله بين مواقع وزارة الدفاع".

وفي سياق التعبئة الجهادية للحركة الحوثية المدعومة إيرانيا، ذكرت الدراسة ان "القيادي الحوثي عبدالرحيم الحمران مسؤول التحضير للجهاد الحوثي، او ما يعرف بـ"مسؤول اللجنة المركزية للتجنيد والتعبئة"، يدير شبكة واسعة للتجنيد والتعبئة العامة من شيوخ القبائل وعقال الحارات وممثلي المجالس المحلية".

ومن نظرة بحثية عميقة لمؤلفي الدراسة، يرون أن "الإجراءات التي يقوم بها الحوثيون تشبه إلى حد كبير جهود الحرس الثوري الإيراني أو حزب الله اللبناني لعسكرة المجتمع وإنشاء البنية التحتية للتعبئة الدائمة".

واصبحت الحركة الحوثية حاملة المشروع الإيراني التوسعي في الجزيرة العربية، محل اهتمام المراكز البحثية، بعد أن تجلّى خطر الحركة واستعراضاتها العسكرية التي باتت توظفها لخدمة الأولى وإن لزم الأمر تهديد مصالح العالم برمته عبر خطوط الملاحة البحرية، الأمر الذي يفرض على المجتمع الدولي حتمية إسناد الشعب اليمني بشتي المجالات لإفشال مشروعها.

المؤلفون:

* الدكتور مايكل نايتس: هو زميل في برنامج الزمالة "ليفر" في معهد واشنطن، ومتخصص في الشؤون العسكرية والأمنية للعراق وإيران واليمن ودول الخليج وقد تنقل كثيراً في العراق ودول الخليج واليمن.

*عدنان الجبرني: صحفي يمني متخصص في الشؤون العسكرية والأمنية.

*كيسي كومبس: باحث في مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية. ويعمل أيضا كصحفي مستقل حيث يقدم تقارير معمّقة عن اليمن.