يقتل الخلايا عبر الدم.. أعضاء بشرية مخبرية تكشف ما يفعله كورونا بالجسم

يقوم باحثون بتطوير أعضاء بشرية مصغرة في المختبرات بهدف دراسة ما يفعله فيروس كورونا المستجد في جسم الإنسان والأضرار التي يسببها للمصابين به.
 
وتكشف دراسة هذه الأعضاء قدرة الفيروس على التكيف من أجل غزو الأعضاء من الرئتين إلى الكبد والكلى والأمعاء، وفق ما أفاد به موقع نيتشر العلمي المتخصص.
 
ويعلم الأطباء الآن من خلال الحالات التي استدعت دخول المستشفى وتشريح الجثث أن فيروس سارس-كوف-2 قد يكون له أثر مدمر على الأعضاء.
 
لكن من غير الواضع إن كان بعض من ذلك الضرر يسببه الفيروس بشكل مباشر أم من خلال مضاعفات ثانوية للعدوى.
 
وتجري مجموعات عديدة دراسات على الأعضاء المخبرية لمعرفة تحركات الفيروس في الجسم، وأي خلايا يستهدفها وطبيعة الضرر الذي يخلفه.
 
ويدرس العلماء، بشكل عام، الفيروسات باستخدام خلايا حيوانية مطورة في المختبر، لكن الباحثين يقولون إنها لا تقدم نماذج عدوى سارس-كوف-2 بشكل جيد لأنها لا تحاكي ما يحدث في الجسم.
 
لذلك فإن الأعضاء المخبرية تظهر بشكل جيد ما يفعله فيروس كورونا المستجد بالأنسجة البشرية، وفق ما أفادت به نوريا مونتسرات عالمة بيولوجيا الخلايا الجذعية في معهد الهندسة البيولوجية لكاتالونيا في برشلونة.
 
وأوضحت مونتسرات أنه يمكن تطوير هذه الأعضاء لتشمل عدة أنواع من الخلايا، وتأخذشكل العضو الأصلي خلال أسابيع، فضلا عن أنها أقل تكلفة مقارنة بالنماذج الحيوانية.
 
غير أن هذه الدراسات تبقى محدودة لأنها لا تعكس الاتصالات بين الأعضاء التي تحدث داخل جسم الإنسان، ما يعني أن نتائجها سيتعين التحقق منها في نماذج حيوانية ودراسات سريرية، بحسب بارت هاغمانز عالم الفيروسات في مستشفى إراسموس في روتردام بهولندا.
 
ومن أبرز ما تم فهمه من خلال دراسة الأعضاء المخبرية، هو ما يقوم به سارس-كوف-2 للخلايا في الجهاز التنفسي، انطلاقا من المجاري التنفسية العليا إلى الرئتين.
 
وطور عالم بيولوجيا الخلايا الجذعية في جامعة كيوتو اليابانية كازوو طاكاياما وزملاؤه، شعبا هوائية مخبرية لديها أربعة أنواع متميزة من الخلايا صنعت من خلايا متجمدة مأخوذة من الطبقة الخارجية للشعب الهوائية أو النسيج الظهاري.
 
وعندما أصاب الفريق الشعب الهوائية المخبرية بسارس-كوف-2، وجوا أن الفيروس يستهدف بشكل أساسي الخلايا الجذعية التي تعمل على تجديد الخلايا في النسيج الظهاري لكنه لم يتمكن من اختراق الخلايا التي تتولى حماية الطبقة الخارجية للشعب الهوائية.
 
ومن خلال المجاري التنفسية العليا، يمكن للفيروس أن يدخل إلى الرئتين والتسبب في فشل في التنفس، وهو أحد المضاعفات الحادة لمرض كوفيد-19.
 
وباستخدام رئتين مصغرتين في المختبر، أظهرت عالمة بيولوجيا الخلايا الجذعية في ويل كورنيل ميديسن بنيويورك، شويبينغ تشن، أن بعض الخلايا تموت بعد إصابتها بالعدوى وأن الفيروس يحفز على إنتاج بروتينات تعرف بالكيموكينات (chemokines) والسيتوكينات (cytokines) والتي يمكن أن تحدث استجابة مناعية هائلة.
 
وقد شهد كثير من المصابين بحالات حادة من كوفيد-19 الاستجابة المناعية التي تسمى عاصفة سيتوكين، والتي تحدث عندما يضخ جهاز المناعة كميات مفرطة من مادة السيتوكين في مسعى لمقاومة الفيروس. وقد تكون عاصفة سيتوكين قاتلة.
 
لكن تشن أوضحت أن سبب وفاة خلايا رئوية لدى مرضى يبقى لغزا، سواء كان السبب يعود إلى الضرر الذي خلفه الفيروس أو عملية التدمير الذاتية التي تلجأ إليها الخلايا أم بسبب التهامها من قبل خلايا مناعية.
 
وقالت العالمة التي اعتمدت على أعضاء مخبرية استخدمت فيها خلايا جذعية يمكن من خلالها تطوير أي نوع من خلايا الجسم، "نعلم أن الخلايا تموت لكننا لا نعرف كيف".
 
ومن خلال الرئتين، يمكن للفيروس أن ينتشر إلى أعضاء أخرى، إلا أن الباحثين لم يكونوا متأكدين بخصوص كيفية انتقاله إلى أن نشرت مونتسرات وزملاؤها دراسة في دورية الخلية في مايو الماضي.
 
وخلال التجارب على أعضاء مخبرية طورت كذلك باستخدام خلايا جذعية يمكن من خلالها إنتاج أي نوع من خلايا الجسم، تبين أن فيروس سارس-كوف-2 يمكن أن يصيب خلايا بطانة الأوعية ما يسمح بالجزيئات الفيروسية بالتسرب إلى الدم الذي يدور في الجسم.
 
وتشير التقارير المتعلقة بالأضرار التي تلحق بالأوعية الدموية في المصابين بكورونا إلى صحة هذه الفرضية، بحسب ما قاله جوزيف بينيغر من جامعة بريتيش كولومبيا في فانكوفر بكندا.
 
وبمجرد دخول الفيروس إلى الدم، يمكنه إصابة العديد من الأعضاءبشكل مباشر بما في ذلك الكلى، وفق مونتسرات وبينيغر. وعلى الرغم من أن الفيروس أصاب الكلى المخبرية وقتل بعض الخلايا، إلا أن الباحثين غير متأكيدين مما إذا كان ذلك سببا مباشرا في الفشل الكلوي الذي يعاني منه بعض المرضى.