وزير الدفاع الأميركي السابق جيم ماتيس يتهم ترامب ب"تقسيم" الولايات المتّحدة

تخلى وزير الدفاع الأميركي السابق جيم ماتيس عن تحفظه ليشن هجوماً لاذعاً على الرئيس دونالد ترامب الأربعاء ويتهمه بالسعي إلى "تقسيم" الولايات المتّحدة التي تشهد احتجاجات غاضبة لم يسبق لها مثيل.

وقال ماتيس الذي استقال من منصبه احتجاجاً على انسحاب قوات بلاده من سوريا، إنّ "دونالد ترامب هو أول رئيس في حياتي لا يحاول توحيد الأميركيين، بل إنه حتّى لا يدّعي بأنّه يحاول فعل ذلك".

وأضاف "بدلاً من ذلك، فإنه يحاول تقسيمنا"، في تصريح نشرته مجلة "ذي أتلانتيك" على موقعها الإلكتروني.

وهذا أول انتقاد من نوعه يصدر عن ماتيس، الجنرال السابق في سلاح المارينز والذي يحظى بتقدير كبير في بلاده وسبق له وأن رفض مراراً توجيه أي انتقاد لترامب لأنّه كان يعتبر أنّه من غير المناسب انتقاد رئيس أثناء توليه منصبه.

ولكن الجنرال المتقاعد دافع في مرافعته الاتّهامية عن المتظاهرين الذين قال إنهم يطالبون "عن وجه حقّ" بالمساواة في الحقوق في تظاهرات غاضبة خرجت احتجاجاً على مقتل شاب أسود بيد شرطي في مينيابوليس في 25 أيار/مايو.

وقال إن الكيل قد طفح، إذ يدفع الأميركيون "عواقب ثلاث سنوات من غياب القيادة الناضجة".

ولم يتأخر ترامب عن الرد، مرسلاً تغريدة وصف فيها ماتيس بأنه "الجنرال الذي يحظى بأكثر تقدير مبالغ به في العالم" وبأنه "كلب مسعور". وقال "أنا سعيد لأنه غادر!" منصبه.

وبصفته أول من تولى وزارة الدفاع بعد وصول ترامب إلى البيت الأبيض دون أن تكون لدى الرئيس، حتى برأي الأوساط الجمهورية، خبرة عسكرية أو دبلوماسية، كان جيم ماتيس يعد أحد "البالغين القلائل" القادرين على احتواء اندفاعات رجل الأعمال السابق.

وقدم استقالة كان لها صد قوي في كانون الأول/ديسمبر 2018 في اليوم التالي لإعلان ترامب انسحاباً أحادياً من سوريا، دون استشارة حلفاء واشنطن في الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية المتطرف.

وجاء رده الأربعاء على طريقة إدارة ترامب لاحتجاجات الأسبوع الماضي، في المقال الذي حمل عنوان "في الاتحاد قوة"، ليقول: "لقد تابعت أحداث هذا الأسبوع وقد اعتراني شعور بالغضب والفزع".

- "مسار جديد" -

منذ وفاة جورج فلويد في مينيابوليس مختنقاً تحت ركبة شرطي أبيض، اشتعلت الاحتجاجات الغاضبة في العديد من المدن الأميركية ضد العنصرية والعنف الذي تستخدمه الشرطة وعدم المساواة الاجتماعية. وشارك مئات الآلاف في تظاهرات سلمية في جميع أنحاء البلاد، لكن الاحتجاجات شهدت كذلك أعمال نهب وشغب وحرائق.

ولكن ترامب الذي لزم الصمت حيال الحلول التي يمكن أن يقدمها للمشكلات التي يحتج عليها المتظاهرون، استخدم من ناحية أخرى لهجة عسكرية وهدد باللجوء إلى الجيش لإخضاع الشارع، مقدماً نفسه بصفته "رئيس القانون والنظام".

وكتب جيم ماتيس "يجب ألا تشتت انتباهنا حفنة من الخارجين عن القانون. المظاهرات يشارك فيها عشرات الآلاف من الأشخاص المبدئيين الذين يصرون على ضرورة أن نلتزم بقيمنا".

وأضاف "يجب أن نرفض ونحاسب المسؤولين الذين يسخرون من دستورنا". وكتب "عندما التحقت بالجيش قبل حوالي 50 سنة، أقسمت على تأييد الدستور والدفاع عنه. ... لم أتخيل يوماً أن الجنود الذين يحلفون القسم نفسه، يمكن أن يتلقوا الأمر، مهما كانت الظروف، بانتهاك الحقوق الدستورية لمواطنيهم - ولا بالسماح للقائد العام المنتخب بأن يلتقط صورة، بطريقة سخيفة، مع القادة العسكريين إلى جانبه".

عندما ألقى دونالد ترامب كلمة تضمنت الكثير من التهديد والوعيد في حدائق البيت الأبيض مساء الاثنين، معلناً عن نشر آلاف الجنود والشرطة في واشنطن، قامت هذه القوات نفسها بتفريق المتظاهرين بالغاز المسيل للدموع. وكان الهدف من ذلك إفساح المجال للرئيس حتى يتمكن بعد ذلك من الذهاب، سيرا على الأقدام، إلى كنيسة رمزية حيث وقف أمام الكاميرات والكتاب المقدس في يده.

وظهر وزير الدفاع الحالي مارك إسبر في الصورة.

والأربعاء، نأى إسبر بنفسه عن تصريحات ترامب، معترفاً بارتكابه خطأ وأعلن معارضته نشر الجيش على الأراضي الأميركية، في خلاف واضح مع الرئيس.

ويذهب ماتيس أبعد من ذلك إذ يتحدث عن "إساءة" استخدام السلطة التنفيذية. إذ كتب قبل خمسة أشهر من الانتخابات الرئاسية التي يسعى فيها ترامب للبقاء لولاية ثانية: "إن اعتماد مسار جديد وحده كفيل بتمكيننا ... من أن نعود دولة تحظى بالاحترام والتقدير سواء هنا أو في الخارج".