لا تسوية في لبنان قبل نزع سلاح حزب الله

تسود حالة إجماع في لبنان بأن لا تسوية للأزمة المتفاقمة قبل الحسم في موضوع نزع سلاح حزب الله الذي حول البلاد إلى ساحة لحرب اقتصادية بين الولايات المتحدة وإيران.
 
ويرى مراقبون للشأن السياسي اللبناني أن المشكلة اليوم لا تكمن في شكل الحكومة المقبلة وما إذا كانت ستكون حكومة تكنوقراط صرفة أم تكنو- سياسية وإنما في مصير سلاح حزب الله وهو الأمر الذي تدركه الطبقة السياسية جيدا التي باتت تواجه أزمة مركبة لا يمكن تجاوزها إلا بالاستجابة لضغوط الشارع المنتفض منذ 17 أكتوبر الماضي وضغوط خارجية أكبر.
 
وقال المحلل السياسي اللبناني خالد ممتاز إن المهم ليس شكل الحكومة ولا من سيرأسها وإنما مزاجها لمن سيكون أقرب للولايات المتحدة أم لإيران، مشددا على أن واشنطن وضعت معادلة تنص على معاقبة كل الدول التابعة للنظام الإيراني.
 
ولفت إلى أن الولايات المتحدة تشاورت مع رئيس الحكومة المستقيلة سعد الحريري وأبلغته أنها ستواصل فرض عقوبات على لبنان في صورة ما تم تشكيل حكومة جديدة يهيمن عليها حزب الله.
 
واعتبر أن أمام لبنان خيارين لا ثالث لهما “إما مواجهة الولايات المتحدة وإما نزع سلاح حزب الله”.
 
وبناء على هذه المعادلة يتوقع مراقبون أن يعتذر سعد الحريري عن تولي رئاسة الحكومة المقبلة التي يصر أركان العهد على أن تكون حكومة تكنو- سياسية.
 
وفيما دخلت باريس على خط الأزمة مع وصول موفد فرنسي إلى بيروت، أوحى الرئيس ميشال عون بأن تشكيل الحكومة بات قريبا جدا وإعلان اسم الشخصية التي سيكلفها مهمة شاقة بتولي اختيار وزراء يصر المنتفضون الغاضبون على أن يكونوا مستقلين بعيدين عن فساد الأحزاب وشبهات سرقة المال العام.
 
وكان لافتا إطلاق عون ما يشبه نداء استغاثة موجها إلى مجموعة الدعم الدولية وإلى الدول العربية لإنقاذ الاقتصاد اللبناني الذي تهاوت دعائمه تحت ضربات عجز يداني الإفلاس.
 
لكن هذه الدعوة لم تفلح في إشاعة أجواء من التفاؤل في البلد الذي يعيش انتفاضة الغضب منذ سبعة وعشرين يوما. فلا الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة يقبل بإنقاذ اقتصاد يتنفس من خلاله حزب الله ورفع سيف العقوبات الذي سلطته إدارة الرئيس دونالد ترامب على رقبة حزب صنفته ضمن وكلاء النظام الإيراني ولا الدول العربية الغنية أي الخليجية مستعدة لمد حبل نجاة لأي سلطة تشرع اقتسام قرارها مع ما يعتبر رأس حربة الاستراتيجيا الإيرانية للهيمنة على المنطقة.
 
ويستبعد مراقبون أن تتجاوب أركان السلطة مع مطلب المحتجين بإقصاء أي قوة سياسية من الحكومة العتيدة كما بدا واضحا إصرار حزب الله وحلفائه على صيغة مختلطة تجمع رجال تكنوقراط متخصصين وممثلين لأحزاب الإخوة الأعداء.
 
كان الخوف السائد في الشارع هو من اللحظة التي تكشف فيها لائحة التوزير خصوصا اسم الرئيس الذي سيكلفه عون أصعب مهمة في تاريخ لبنان الحديث. صحيح أن شعار “كلن يعني كلن” لم يستثن أحدا من الحرب على نظام لطالما اعتبر عقيما، لكن الشارع أعطى إشارات إلى قبوله فترة سماح إذا كلف عون الحريري بتشكيل حكومة من أصحاب الأيادي النظيفة من غير الطامحين إلى المناصب العليا.
 
كما كان لافتا، الثلاثاء، اضطرار رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى التخلي عن باكورة ما سماه “ثورة تشريعية” والتراجع عن عقد جلسة للبرلمان لتمرير قانون للعفو العام، إضافة إلى إعلان بري السرية المصرفية على حساباته وحساب زوجته في الداخل والخارج لكن أكثرية المحتجين تعتبر كل خطوات السلطة الصغيرة مجرد تجميل متأخر جدا لنظام أنهكت جدرانه الطائفية واللامساواة بين المواطنين.