هل باتت غزة منصة لتصفية حسابات إيرانية مع إسرائيل والإدارة الأمريكية؟

عاد قطاع غزة إلى مربع التصعيد، بعد إطلاق صواريخ من القطاع تجاه تل أبيب، ردت عليه إسرائيل بتنفيذ سلسلة من الغارات استهدفت مواقع تابعة لحركة حماس.
 
وحمّلت كل من إسرائيل والولايات المتحدة إيران مسؤولية التصعيد الذي يأتي في توقيت حساس من ناحية المفاوضات المتقدمة بين إسرائيل وحماس بشأن تحقيق هدنة مطولة، وأيضا الانتخابات الإسرائيلية العامة التي لم يعد يفصل عنها سوى بضعة أسابيع وتعد مفصلية في حياة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو السياسية.
 
واتهم وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو طهران صراحة بالوقوف وراء الهجمات ضد إسرائيل من قطاع غزة وقال خلال مؤتمر صحافي عقده الجمعة، إن “المواطنين الإسرائيليين يتعرضون مجددا لهجمات من قبل الإرهابيين في غزة، الذين يسلحهم ويمولهم أسيادهم في طهران”.
 
وشدد بومبيو على أن الولايات المتحدة ستستمر في دعم حليفتها إسرائيل، مشيرا إلى أن “لإسرائيل الحق في الدفاع عن مواطنيها”.
 
وقصف الجيش الإسرائيلي صباح الجمعة غزة بكثافة، ونفذت الطائرات الحربية والمروحيات الإسرائيلية 100 غارة على مواقع تابعة لحركة حماس التي تدير القطاع.
 
وقال الجيش الإسرائيلي إنّ من بين الأهداف موقع تصنيع كبير للصواريخ ومجمّعا تستخدمه حماس لقيادة عملياتها في الضفة الغربية المحتلة.
 
وأكد مصدر أمني في غزّة أن “الطيران الإسرائيلي الحربي نفذ العشرات من الغارات العدوانية استهدفت أكثر من 40 موقعا ومبنى لفصائل المقاومة ومنزلا في رفح ما أسفر عن إصابة مواطن وزوجته بجروح خطرة”، كما أصيبت مواقع تابعة للشرطة البحرية في حماس.
 
وبدأ التصعيد مع إطلاق صاروخين مساء الخميس في اتجاه تل أبيب، العاصمة الاقتصادية لإسرائيل. وقال رئيس بلدية تلّ أبيب رون هولداي لقناة تلفزيونية “يبدو أنّ أحد الصاروخين سقط في البحر، وسقط الآخر في مكان ما، ولكن ليس في تل أبيب”.
 
وأفاد الجيش الإسرائيلي أن عدد الصواريخ التي انطلقت من غزة بلغ عشرة، اعترض عددا منها نظام الدفاع الإسرائيلي.
 
وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية بأن الصواريخ التي أطلقت من قطاع غزة، والتي لم تتبنى أي من الفصائل المسؤولية عنها، هي من نوع “فجر 5”، يصل مداه إلى 75 كلم، وهذا النوع من الصواريخ استنسخته إيران عن صاروخ صيني يحمل اسم “وي.أس 1” كانت اشترته في ثمانينات القرن الماضي وقامت بإنتاجه محليا ابتداء من عام 1992.
 
ويرى محللون أن العديد من الأسباب التي تدعم فرضية وقوف إيران خلف هذا التصعيد، ذلك أن الفصائل الفلسطينية التي تسعى للتوصل إلى تهدئة مع إسرائيل، ليس من صالحها الصدام حاليا مع حكومة نتنياهو، في المقابل فإن إيران التي تواجه ضغوطا متزايدة من صالحها الإقدام على هذه الخطوة لإيصال جملة من الرسائل للمعنيين وفي مقدمتهم إسرائيل بأنها قادرة من خلال أذرعها على ضرب العمق الإسرائيلي.
 
وسبق التصعيد الصاروخي تصعيد كلامي لمسؤولين إيرانيين، آخرهم وزير الدفاع الإيراني أمير حاتمي، الأربعاء، حينما قال إن بلاده سترد بحزم إذا تحركت البحرية الإسرائيلية ضد مبيعاتها من النفط.
 
وجاءت تصريحات حاتمي، ردا على كلام لرئيس الوزراء الإسرائيلي هدد فيه بأن بلاده قد تتحرك ضد “تهريب” النفط الإيراني رغم العقوبات الأميركية.
 
ويعاني الاقتصاد الإيراني من صعوبات كبيرة منذ أن قرر الرئيس الأميركي دونالد ترامب في مايو الانسحاب من الاتفاق النووي الموقع في 2015 بين إيران وست قوى كبرى وأعاد فرض العقوبات على طهران.
 
وسبق وأن زجت إيران بقطاع غزة في أتون صراعها مع الولايات المتحدة وإسرائيل، واتهم نتنياهو إيران بتحريض الفصائل على استهدافها في نوفمبر ومايو الماضي.
 
وتدعم إيران فصائل فلسطينية وعلى رأسها حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة، والجهاد الإسلامي، ويرى مراقبون أن انخراط الفصائل الفلسطينية في خدمة المشاريع الإيرانية من شأنه أن يضعف القضية الفلسطينية ويعطي إسرائيل مبررات لضرب القطاع ويبقى المتضرر الوحيد، هم المدنيون.وأعلنت “الهيئة الوطنية العليا لمسيرات العودة” في قطاع غزة إرجاء التظاهرات والمسيرات المقررة الجمعة “استثنائيا” بعد الغارات الإسرائيلية. وهي المرة الأولى التي يتم فيها إرجاء هذا التحرك الجاري على حدود قطاع غزة كل يوم جمعة منذ عام.
 
وكانت حماس وحليفتها حركة الجهاد الإسلامي نفتا أن تكونا وراء إطلاق الصواريخ على تل أبيب.
 
ويشكل تهديد تل أبيب الواقعة على بعد عشرات الكيلومترات عن غزة، ذريعة لإسرائيل للرد بقوة أكبر. وقبل 3 أسابيع من الموعد المحدّد للانتخابات العامة في التاسع من أبريل، يولي رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ومنافسوه اهتماماً بالغاً بالسجل الأمني.
 
وجمع نتنياهو المسؤولين الأمنيين مساء الخميس. وقال وزير التعليم نفتالي بينيت المنافس لنتنياهو “الوقت حان لوضع حد لحماس مرة واحدة وللأبد”. وطالب نتنياهو بخطة مفصلة في هذا الإطار.
 
وكرر نتنياهو أنه لن يتردد بشنّ عملية واسعة إذا لزم الأمر. غير أنه يحاول في هذه المرحلة تبديد التوترات بدل الخوض في عمليات نتائجها غير معلومة في المرحلة التي تسبق الانتخابات.