انهيار الليرة التركية يربك أسواق الأسهم العالمية وأردوغان يتوقع استمرار "الهجمات" على الاقتصاد

سجلت بنوك كبرى في أوروبا والخليج ومصر واليابان الأحد الاثنين تراجعا ملموسا في مؤشرات الأسهم بسبب مخاوف مرتبطة بانهيار الليرة التركية يوم الجمعة. وتأتي هذه الأزمة التي تعصف بأنقرة لتزيد من حالة الإرباك التي أحدثتها العقوبات الأمريكية الجديدة على إيران والأزمة الدبلوماسية بين السعودية وكندا. فيما توقع اردوغان استمرار الهجمات على اقتصاد البلاد.
 
أعلنت العديد من أسواق المال العالمية، وأبرزها في أوروبا والخليج ومصر واليابان، يوم الأحد والاثنين عن تسجيل تراجع ملموس وأحيانا قياسي في مؤشرات الأسهم، ما يعتبر أولى تداعيات انهيار الليرة التركية الجمعة والتي سجلت تراجعا غير مسبوق في قيمتها أمام الدولار الأمريكي في ضوء الخلاف بين تركيا والولايات المتحدة الأمريكية الحليفتين في الناتو.
 
والاثنين، تراجعت أسهم البنوك الكبرى في أوروبا، وقال المتعاملون إن المخاوف حيال أزمة العملة في تركيا هي من العوامل الأساسية التي أضرت بالقطاع المالي.
 
وقد تراجع مؤشر أسهم بنوك منطقة اليورو بنسبة 1,2 بالمئة واقترب من أدنى مستوى له منذ أواخر حزيران/يونيو ونزل للجلسة الرابعة على التوالي. وتدنت السندات الدولارية للبنوك التركية وأسهم البنوك الأوروبية التي لها أنشطة في تركيا مثل "أوني كريديت" و"بي.إن.بي باريبا" و"بي.بي.في.أيه" و"آي.إن.جي". وهبط سهم "دويتشه بنك" أيضا إثر خفض بنك "أوف أمريكا ميريل لينش" تصنيفه السهم إلى "أداء دون أداء السوق".
 
وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يوم الاثنين إنه يتوقع استمرار الهجمات على اقتصاد البلاد، لكنه تنبأ بأن الليرة ستعود إلى ”مستويات معقولة“ قريبا، بعدما هبطت العملة التركية إلى مستوى قياسي متدن عند أكثر من سبع ليرات للدولار.
 
وأضاف أردوغان، الذي وصف هبوط الليرة بأنه نتيجة لمخطط وليس للعوامل الاقتصادية الأساسية، أن انتشار الأنباء الكاذبة عن الاقتصاد خيانة وأن الإجراءات التي اتخذتها الولايات المتحدة في الآونة الأخيرة طعنة في ظهر أنقرة.
 
وأوضح أردوغان أن تركيا ستسرع وتيرة الخطط الاستثمارية لتلبية أهداف 2023 في مواجهة الهجمات الاقتصادية، في إشارة إلى خطط مشروعات بناء كبرى ومساعي بلاده الطموح لتصبح واحدة من أكبر عشر اقتصادات في العالم.
 
وأبلغ أردوغان السفراء الأتراك في القصر الرئاسي أن تركيا تسعى بشكل متزايد وراء تشكيل تحالفات جديدة، وأن علاقاتها مع روسيا شهدت تقدما.
 
وأشار إلى أن توافق الرؤية الاقتصادية الصينية مع رؤية تركيا يتيح فرصا جديدة للتعاون.
 
من الخليج إلى اليابان!
 
وفي منطقة الخليج، تراجع مؤشر الدوحة بنسبة 2,6 بالمئة بعد أن طغت عمليات البيع على كافة التعاملات حسب ما أعلن محللون. وعلى غرار قطر، تدنت مؤشرات الأسهم الخليجية الأحد مع إحجام المستثمرين عن شراء الأصول التي يرون أنها تنطوي على مخاطر بسبب الأزمة الدبلوماسية بين واشنطن وأنقرة.
 
فقد تراجع مؤشر السوق السعودية "تاسي" بنسبة 1,4 بالمئة وأغلق عند 8065 نقطة ليسجل بذلك أدنى مستوى له منذ أواخر أيار/مايو وينزل عن متوسطه لأول مرة في 2018. كما تدنت أسهم معظم البنوك في الخليج والشرق الأوسط وعلى رأسها سهم البنك الأهلي التجاري الذي انخفض 3,2 بالمئة بفعل مخاوف مرتبطة بأصول تركية. وتراجع سهم مصرف الراجحي بنسبة 1,3 بالمئة.
 
وفي دبي تراجع المؤشر بنسبة 1,1 بالمئة إلى 2889 نقطة مع تراجع سهم العربية للطيران بنسبة 2,9 بالمئة. وانخفض مؤشر أبوظبي بنسبة 0,6 بالمئة إلى 4845 نقطة. وفي الكويت هبط المؤشر بنسبة 0,6 بالمئة إلى 5424 نقطة. وفي البحرين تراجع المؤشر 0,1 بالمئة إلى 1348 نقطة. وفي سلطنة عمان انخفض المؤشر 0,6 بالمئة إلى 4406 نقاط.
 
وتتجه جميع الأنظار في دبي إلى بنك الإمارات دبي الوطني، أكبر مصرف في الإمارة الذي اتفق في وقت سابق هذا الشهر على شراء دينيز بنك التركي من سبيربنك الروسي المملوك للدولة مقابل 3,2 مليار دولار. وهبط سهم بنك الإمارات دبي الوطني 1.7 في المئة، وقال أحد المحللين إن السهم تعرض لضغوط اليوم بسبب الاتفاق التركي.
 
وبحسب أرقام "سيكيوريتيز" فإن الهبوط الحاد في قيمة الليرة التركية منذ الإعلان عن الصفقة ربما يدفع لاستخدام البند الخاص بحدوث تغيير سلبي جوهري، مما يفتح الباب أمام احتمال إعادة التفاوض بخصوصها.
 
أما في مصر فقد نزل المؤشر بنسبة 1,2 في المئة إلى 15738 نقطة.
 
وفي اليابان، تدنى المؤشر "نيكي" اليوم الاثنين بنسبة 2 بالمئة ليبلغ أدنى مستوى له في خمسة أسابيع ببورصة طوكيو، حيث أثار هبوط عملات الأسواق الناشئة قلق المستثمرين في الأسهم فيما أضر ارتفاع الين بالمعنويات ودفع السوق للهبوط بشكل عام.
 
وكان أداء أسهم شركات السلع الأولية أضعف من السوق بعد أن نزل "الراند" الجنوب أفريقي أكثر من عشرة بالمئة مقابل الدولار الأمريكي، إذ أدى هبوط الليرة التركية لموجة بيع لعملات أخرى. وتراجع نيكي 440,65 نقطة إلى 21857,43 نقطة، وهو أقل مستوى إغلاق منذ 6 تموز/يوليو.
 
العقوبات على إيران والأزمة الكندية السعودية!
 
وشكلت إعادة فرض العقوبات الأمريكية على طهران إلى جانب الخلاف الدبلوماسي بين السعودية وكندا عامل ضغط كبير في الآونة الأخيرة على الأسواق. لكن انهيار الليرة التركية شكل أكبر ضغط على أسواق المال في العالم.
 
والاثنين، تعهد البنك المركزي التركي باتخاذ التدابير الكفيلة بضمان الاستقرار المالي، في ظل انهيار حاد في قيمة الليرة التركية منذ عدة أيام. وأكد البنك أنه سيوفر السيولة الضرورية للمصارف في ظل استمرار تراجع الليرة .
 
والجمعة دعا أردوغان الأتراك إلى تحويل مدخراتهم بالعملات الأجنبية إلى الليرة لدعم عملتهم الوطنية، بعد أن سجلت أدنى مستوياتها على الإطلاق أمام الدولار الأمريكي.