مخطط حوثي يستهدف تطييف مدينة صنعاء التاريخية

يعيش المواطنون في مدينة صنعاء التاريخية كابوساً، عقب تهديدات أطلقتها مليشيا الحوثي الإرهابية الموالية لإيران لملاك المحلات في أقدم سوقين شعبيين في المدينة التي يعود تاريخ بنائها إلى القرن الأول الميلادي، بتفريغ محلاتهم بهدف تحويلها من مزار أثري إلى مزار شيعي.

وقال سكان محليون في مدينة صنعاء القديمة لوكالة خبر، إن مليشيا الحوثي أنذرت ملاك المتاجر والمحلات في سوق "المحداده" وسوق "المنجاره" الواقعين وسط مدينة ‎صنعاء التاريخية بأن عليهم إخلاءها خلال أيام ما لم فإنها سوف تستخدم القوة لإخراجهم منها وتفريغها من محتوياتها.

يأتي ذلك بعد خمسة أيام من زيارة القيادي مهدي المشاط رئيس ما يسمى المجلس السياسي الأعلى التابع للحوثيين برفقه قيادات في المليشيا وحماية عسكرية كبيرة لأزقة وأسواق مدينة صنعاء التاريخية.

وذكرت مصادر مطلعة لوكالة خبر، أن إنذار المليشيات الحوثية لملاك المحلات والمتاجر في سوقي "المحداده" و"المنجاره" بمدينة صنعاء التاريخية ومطالبتها باخلائها يأتي ضمن منهج حوثي استيطاني عنصري مخطط له مسبقا، في إطار حرب الحوثيين الحضارية الهادفة لطمس معالم مدينة صنعاء التاريخية، وهويتها العربية والإسلامية.
وأوضحت المصادر أن المليشيا تسعى لهدم عدد من المتاجر والمحلات التجارية في السوقين الأثريين وتحويلها إلى ساحة ومزار شيعي طائفي لعناصرها وللزوار القادمين من مدن قم وكربلاء وطهران.
ولفتت المصادر أن تلك الإجراءات الحوثية المرتقبة هي جزء من خطة مدروسة وممنهجة لتغيير الصورة الحضارية والتراثية لمدينة صنعاء التاريخية في سياق المساعي الحثيثة لحوثنتها والسيطرة عليها وطمس هوية صنعاء الأصلية وتزييف تاريخها وإضفاء الصبغة الشيعية الطائفية عليها.

وأشارت المصادر إلى أن تصاعد وتيرة الاعتداءات الحوثية الفاشية، وتسارع خطوات الحوثنة والابتلاع والهدم للمنازل والمتاجر الأثرية بمدينة صنعاء القديمة إلى جانب سياسة تهجير سكانها الأصليين منها بهدف القضاء على التراث اليمني الإنساني العالمي يهدد بإخراج المدينة التاريخية المدرجة من قبل منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) عام 1986 من ضمن قائمة التراث العالمي.

 وفي يوليو العام الماضي، قامت مليشيا الحوثي عبر مندوبي ما تسمى هيئة الأوقاف التابعة لها بحصر الأسواق والمحلات والأراضي في مدينة صنعاء القديمة (المدينة التاريخية) والمنازل بحجة أنها من ممتلكات هذه الهيئة، ضمن خطة لانتزاع تلك الممتلكات واستكمال تحويل المدينة القديمة إلى كانتون طائفي مغلق.

وزعمت الهيئة الحوثية، في حينه، أن الحكومات اليمنية التي أعقبت ثورة 26 سبتمبر عام 1962 قامت باستخدام هذه الأراضي كأسواق أو مدن سكنية أو مواقع للخدمة العامة، حيث توجهت بوصلة هذه الهيئة نحو المدينة القديمة التي تسعى لتحويلها إلى كانتون طائفي من خلال تمكين سلالتها أو من يشاركونها التوجهات الطائفية من 35 سوقا شعبية تتوزع في حارات المدينة وهي مصدر أساسي لآلاف الأسر تعيش عليها.

ويشكو سكان وتجار صنعاء القديمة المتضررون من تزايد التعسفات والإجراءات الحوثية وتعرضهم للابتزاز والظلم من قبل هيئة الأوقاف التابعة للمليشيا التي رفعت إيجار اللبنة الواحدة من أراضي الوقف (تعادل 44 مترا مربعا) من 1500 إلى 2000 ريال في الشهر بدلاً عن عشرة ريالات في السنة عن الأراضي التي عليها مبان سكنية، كما أنها (الهيئة) تطلب مبالغ خيالية من التجار في سوق الملح حيث صنعاء التاريخية عن إيجار الدكاكين التي تحت أيديهم منذ خمسين عاما.

وفي تسجيل مرئي قال عبد الرزاق المترب المتحدث باسم المتضررين، إن ما تقوم به الأوقاف الحوثية، لا يقبل به لا عقل ولا منطق، إذ إن أغلب سكان صنعاء القديمة من ذوي الدخل المحدود وليس لديهم ما يبيعونه لسداد ما تطالب به الهيئة، كما أن تجار «سوق الملح» لم يعودوا يكسبون حتى قوت يومهم، فيما الأوقاف تطالبهم بسداد ما بين 15 مليون ريال إلى 20 مليونا، ووصف ما يتعرض له السكان بأنه التهجير بعينه.

وفي إطار سياسة التضييق على سكان وتجار مدينة صنعاء التاريخية قامت الهيئة الحوثية برفع إيجار الدكاكين والعقارات بنسبة تجاوزت 500 في المائة، فالدكان الذي كان إيجاره 30 ألف ريال (حوالي 50 دولارا) بلغ إيجاره حاليا 150 ألف ريال (ما يعادل 250 دولارا) دون مراعاة لظروف السكان والتجار جراء استمرار الحرب للعام الثامن على التوالي وفي ظل انخفاض القدرة الشرائية للناس واستمرار الجبايات المتعددة التي تفرضها سلطة الميليشيات والتي أصابت هذه الأسواق بالكساد وتراجعت المداخيل بشكل كبير.

وفي منتصف أكتوبر العام الماضي، أقدم قيادي حوثي يعمل مديرا لقسم شرطة الفتح بمديرية الصافية بصنعاء على الاعتداء على حمى سائلة مدينة صنعاء التاريخية، في تشويه متعمد وصارخ لأقدم وأعرق المدن الأثرية في العالم، حيث قام باستحداث وتأسيس مبنى تابع للقسم في حرم وحمى مدينة صنعاء التاريخية بمبرر توسعته.

وسجلت عشرات المخالفات خلال السنوات الماضية في أعمال البناء المعمارية الجديدة في منازل مدينة صنعاء القديمة جراء استخدام الإسمنت والبلك في تشييد وتوسعة العشرات من منازلها الأثرية، ناهيك عن تشوية جدران معالمها وأسوارها وسائلتها بقيام عناصر المليشيات الحوثية بلصق وطبع صور قتلاها ورسم الشعارات الطائفية للجماعة، في انتهاك صارخ لقواعد منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) مما قد يخل ويؤدي لشطب مدينة صنعاء العريقة من قائمة التراث العالمي.

كما قامت المليشيات الحوثية في منتصف شهر فبراير 2021 بهدم مسجدٍ تاريخيٍ في مدينة صنعاء القديمة بني في العام الأول للهجرة وتمت توسعته فيما بعد وتمت عملية الهدم بناءً على اتفاق بين وزارة الأوقاف الخاضعة لسيطرة المليشيات الحوثية، مع مستثمر حوثي، وقامت الجماعة في أكتوبر 2020 بهدم حوالى أحد عشر منزلاً أثرياً، غربي الجامع الكبير، في مدينة صنعاء التاريخية بحجة تضررها وعدم قابليتها للصيانة في جريمة بحق التراث الإنساني العالمي دون أن تحرك المنظمات الدولية المعنية بالحفاظ على التراث والآثار ساكناً.