الرئيس الإندونيسي يوقف دوري كرة القدم بعد حادث التدافع الدامي

توفي ما لا يقل عن 125 شخصا في تدافع داخل ملعب كرة قدم إندونيسي في أعقاب مباراة بين فريقين محليين في محافظة جاوة الشرقية.

وتقرر وقف الدوري الممتاز لحين الانتهاء من التحقيق في الحادث المآساوي.

وقد جرح المئات في التدافع الذي وقع في أعقاب إطلاق الشرطة الغازات المسيلة للدموع على مشجعين اقتحموا أرض الملعب.

واقتحم مشجعو نادي أريما إف سي في كانجوروهان في مدينة مالانغ الشرقية أرض الملعب بعد خسارة فريقهم 3-2 أمام بيرسيبايا سورابايا، وهي الخسارة الأولى منذ أكثر من عقدين أمام منافسهم اللدود.

وأظهر مقطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي مشجعين وهم يركضون إلى أرض الملعب بعد صافرة النهاية.

ومع انتشار الذعر بين الجمهور في أعقاب إطلاق الغازات المسيلة للدموع، اندفع الآلاف نحو مخارج ملعب كانجوروهان، حيث اختنق الكثيرون.

وقال شاهد عيان لبي بي سي إن الشرطة أطلقت العديد من قنابل الغاز المسيل للدموع "بشكل مستمر وسريع" بعد أن أصبح الوضع بينهم وبين المشجعين "متوترا".

وقال شاهد عيان آخر يدعى دوي لموقع كومباس الإندونيسي إنه "رأى العديد من الناس يتعرضون للدهس" أثناء مسارعة الجميع للفرار.

وأمر الرئيس جوكو ويدودوبوقف جميع المباريات في الدوري الإندونيسي الممتاز حتى يتم إجراء تحقيق.

وقال إنه يأمل أن تكون هذه "آخر مأساة كرة قدم في البلاد".

ويشدد الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا)، وهو الهيئة المنظمة لكرة القدم في العالم، بضرورة عدم حمل أو استخدام "غازات السيطرة على الجماهير" من جانب الحكام أو الشرطة في المباريات.

وقال رئيس الاتحاد، جياني إنفانتينو، إنه "يوم أسود بالنسبة لجميع المشاركين في كرة القدم ومأساة لا يمكن إدراكها".

الفوضى عمّت

قدر مسؤولون إندونيسيون إبتداء أعداد قتلى الكارثة بـ 174 شخصا، لكن الرقم عُدّل بعد ذلك.

وتُظهر مقاطع فيديو من الملعب المشجعين وهم يركضون إلى أرض الملعب بعد صافرة النهاية التي أعلنت هزيمة الفريق المضيف 2-3، فأطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع ردا على ذلك.

وقال نيكو أفينتا، قائد الشرطة فيجاوةالشرقية، "لقد أصبحت المباراة فوضى. بدأت الجماهير في مهاجمة الضباط، وإلحاق أضرار بالسيارات"، مضيفا أن ضابطي شرطة كانا من بين القتلى.

وأضاف قائد الشرطة "نود أن نشير إلى أنه ليس كل الجماهير شاركوا في الفوضى، لكن نحو 3000 فقط دخلوا أرض الملعب".

وعن سبب تفاقم الكارثة، أوضح أن جميع المشجعين حاولوا الهروب من أرض الملعب بالخروج من "مخرج واحد. ثم حدث تزاحم، مما تسببت في تراكم المشجعين فوق بعضهم البعض وتدافعهم بشدة مما أدى لسحق البعض واختناقه ونقص الأكسجين".

وتُظهر مقاطع الفيديو على وسائل التواصل الاجتماعي المشجعين وهم يتسلقون الأسوار للفرار. تظهر مقاطع فيديو منفصلة جثث ملقاة على الأرض.

وعُلّقت مباريات الدوري الإندونيسي لأسبوع عقب وقوع هذا الحادث.

في غضون ذلك، تضرر الملعب بشكل كبير، واحترقت سيارتان إحداهما سيارة للشرطة.

ولوحظ بجوار إحدى بوابات الخروج، ثقب خلال الجدار شاهد على اليأس الذي حل بالمشجعين وهم يحاولون الهرب من التدافع.

كما أن الأبواب مائلة للخارج، وتلك علامة على القوة الهائلة التي دفعتها من الداخل أثناء محاولة الهرب.

ووضعت شموع بجانب البوابة إحياء لذكرى الضحايا.

كان دوي قنابل الغاز المسيل للدموع "عاليا"

قال محمد ديبو مولانا، 21 عاما ، الذي كان حاضرا في المباراة، لبي بي سي إنه بعد انتهاء المباراة، نزل عدد قليل من مشجعي أريما إلى أرض الملعب للاحتجاج والتضامن مع لاعبي فريقهم، لكن الشرطة اعترضتهم على الفور و "تعرضوا للضرب".

وأضاف أن المزيد من المتفرجين نزلوا بعد ذلك إلى أرض الملعب احتجاجا على ماحدث، مضيفا أن الوضع أصبح "متوترا".

وأردف "تقدمت الشرطة مع الكلاب البوليسية والشرطة المدرعة وجنود عاديين".

وسُمع دوي أكثر من 20 قنبلة غاز مسيل للدموع أُطلقت تجاه المشجعين في الاستاد.

وقال ديبو "كان لقنابل الغاز المسيل للدموع دوي، مثل دوي القنابل، ودوى الصوت بشكل مستمر وسريع. وكان الصوت مرتفعا جدا وموجها إلى جميع المدرجات".

وأضاف أنه رأى الناس في حالة من الفوضى والذعر والاختناق أثناء محاولتهم الخروج من الاستاد. وأوضح أن عددا كبيرا من الأطفال وكبار السن أصيبوا بالغاز المسيل للدموع.

إحدى أسوأ كوارث كرة القدم

اعتذرت الحكومة الإندونيسية عن الحادث ووعدت بالتحقيق في ملابسات التدافع.

وقال وزير الرياضة والشباب الإندونيسي زين الدين أمالي لمحطة كومباس: "نأسف لهذا الحادث ... هذا حادث مؤسف، يجرح كرة القدم لدينا في وقت يمكن للجماهير مشاهدة مباريات كرة القدم من الملعب".

وأضاف: "سنقيِّم بدقة تنظيم المباراة وحضور المشجعين. هل سنعود إلى منع الجماهير من حضور المباريات؟ هذا ما سنناقشه".

ويقول الفيفا إنه لا ينبغي استخدام الغاز للسيطرة على الجمهور من قبل الشرطة خلال مباريات كرة القدم.

ولا يعد العنف في ملاعب كرة القدم الإندونيسية أمرا جديدا. وقد مُنع مشجعو فريق بيرسيبايا سورابايا من شراء تذاكر المباراة خشية وقوع أعمال عنف واشتباكات.

لكن وزير الأمن الرئيسي ذكر في رسالة على انستغرام أن نحو 42 ألف تذكرة بيعت، في حين أنسعة الاستاد تبلغ 38 ألف مشجع فقط.

وتعد هذه المأساة الأحدث في تاريخ كوارث التدافع في ملاعب ومدرجات كرة القدم.

في عام 1964، لقي حوالى 320 شخصا مصرعهم وأصيب أكثر من 1000 خلال تدافع في إحدى التصفيات الأولمبية بين بيرو والأرجنتين في ليما.

وفي عام 1985، لقي 39 شخصا مصرعهم وأصيب 600 بجروح في ملعب هيسيل في بروكسل ببلجيكا، عندما سُحق مشجعون أمام جدار انهار بعد ذلك خلال نهائي كأس أوروبا بين ليفربول (إنجلترا) ويوفنتوس (إيطاليا).

وفي المملكة المتحدة، توفي 97 من مشجعي فريق ليفربول عام 1989 في ملعب هيلزبورو في شيفيلد.