بـ 3 مسيرات و"أصابع إيرانية".. تفاصيل "هجوم التنف" وماذا وراء التصعيد؟

تعرضت قاعدة التنف في سوريا، صباح الاثنين، لهجوم بـ"الطائرات المسيّرة" هو الثاني من نوعه، منذ شهر أكتوبر 2021، والثالث عقب ضربتين جويتين أعلنت عنهما روسيا، بصورة متفرقة، خلال الفترة الأخيرة.

وتننشر في "التنف" قوات من "التحالف الدولي"، الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية، بالإضافة إلى قوات من "جيش مغاوير الثورة"، وهو فصيل عسكري محلي، يتلقى دعما لوجستيا وعسكريا من الأخيرة، ويعتبر من أبرز القوات المنتشرة هناك.

ويقول قائد "جيش مغاوير الثورة"، المقدم مهند طلاع إن الهجوم الذي تعرضت له التنف "نفذته 3 طائرات مسيّرة"، موضحا أن "الأولى انفجرت في مكان فارغ تماما، الثانية تم اعتراضها ومنع تأثيرها أي أنها سقطت ولم تنفجر، فيما تم اعتراض الثالثة وإسقاطها قبل أن تصل إلى المكان".

ويتابع في تعليقه عن الجهة التي قد تقف وراء الهجوم: "على الأرجح من جانب الإيرانيين وميليشياتهم، أو العناصر الذين يعملون معهم من السوريين والعراقيين"، مستدركا: "لكن من يملي الخطط والمعلومات هي إيران".

وقال الجيش الأميركي إن قوات "التحالف الدولي"، بالتنسيق مع "مغاوير الثورة"، قد ردوا على الهجوم باستخدام عدد من المسيرات في محيط قاعدة التنف، حسب وكالة "رويترز".

ووقع الهجوم في نقطة التقاء الحدود السورية والأردنية والعراقية، ولم تعلن جهة عن مسؤوليتها بعد.

وقال اللواء جون برينان، قائد القوات المشتركة، إن أفراد التحالف "يحتفظون بحقهم في الدفاع عن النفس، وسيتخذون الإجراءات اللازمة لحماية قواتهم".

ماذا وراء التصعيد؟

تعتبر القاعدة، التي تأسست عام 2016، جزءا أساسيا في الحرب ضد تنظيم "داعش".

وتتمركز فيها القوات الأميركية وقوات "التحالف" لتدريب قوات المعارضة السورية، والمتمثلة بقوات "جيش مغاوير الثورة"، وتقع في محافظة حمص، عند المثلث الحدودي السوري العراقي الأردني.

وإضافة إلى المهام الموكلة لـ"التنف" بكبح نشاط تنظيم "داعش" في المنطقة، يشير المحللون إلى دور آخر لها، يتمثل في عرقلة التوسع الإيراني في المنطقة الممتدة ما بين العراق وسوريا.

وتتموضع "التنف" على طول طريق حيوي يمتد من طهران مرورا ببغداد إلى دمشق، وهو طريق تأمل إيران أن يكون جزءا من "الهلال الشيعي"، وفقا لما ذكرته شبكة "إن بي سي نيوز" الأميركية في تقرير سابق.

ويشير تقرير الشبكة إلى أن موقع التنف محوري أيضا لدوره في منع الإيرانيين من الحصول على موطئ قدم آخر في المنطقة.

ويوضح القيادي السوري، مهند طلاع: "سواء كان الهجوم من جانب النظام السوري أو إيران فإن هذين الطرفين يرون التنف عثرة وعقدة بالنسبة لعملياتهما".

ويقول: "القاعدة أكبر مشكلة لهم. لذلك يحاولون أخذ المنطقة والسيطرة عليها"، في إشارة منه إلى المنطقة المحيطة بـ"التنف"، والمسماة بـ"منطقة الـ55 كيلومترا".

"نتوقع أن تزيد الضربات وأخذنا الاحتياطات على هذا الأساس"، وفق حديث طلاع.

واللافت أن القصف بالمسيرات جاء بعد ضربتين جويتين أعلنت وزارة الدفاع الروسية عنهما، خلال الشهرين الماضيين.

الهجوم وقع صباح الاثنين

وكانت الضربة الأولى في شهر يونيو الماضي، والثانية في الخامس من شهر أغسطس الحالي.

ووفق قائد "جيش المغاوير" فإن روسيا "تتذرع في ضرباتها بأن المقاتلين في التنف يهاجمون مواقعا لقوات النظام في محيط منطقة الـ55. يقولون إن التصعيد في إطار الرد".

ويضيف طلاع: "لكن الضربات التي يتعرض لها النظام في المنطقة المحيطة بالتنف تأتي من جانب جهة مجهولة. لا نعرف من هي. داعش متواجدة بين مواقع النظام وينفذ العمليات".

"تثير غضب روسيا والنظام"

وعلى مدى الأشهر الماضية لم تتوقف التدريبات العسكرية التي يجريها التحالف الدولي لقوات المعارضة السورية المحلية في "التنف".

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد فقط، بل شهدت القاعدة زيارة أجراها قائد القيادة المركزية الأمريكية، الجنرال مايكل إريك كوريلا، في يوم 17 من شهر يونيو الماضي.

ونشرت الصفحة الرسمية للقيادة المركزية الأمريكية عبر "تويتر"، حينها، صورا للزيارة، وقالت إن الجنرال كوريلا تحدث مع مقاتلي "مغاوير الثورة" حول الضربة الروسية الأخيرة.

وأكد مقاتلو "مغاوير الثورة" لقائد القيادة المركزية الأمريكية، استعدادهم للقتال، وأنهم "لا يهابون أحدا"، بحسب الصفحة الرسمية.

وحاولت قوات النظام السوري، خلال السنوات الماضية، الاقتراب من منطقة التنف، لكنها جوبهت بقسوة من التحالف الدولي الذي استهدف أواخر العام 2018 رتلا عسكريا تابعا لـ"الفرقة الثالثة" بصواريخ راجمة من منظومة "هيمارس".

ويثير التواجد الأميركي في قاعدة التنف غضب روسيا، التي عبرت عن ذلك في العامين الماضيين، من خلال سلسلة بيانات اعتبرت فيها أن القاعدة "منبعا للإرهاب" في المنطقة.وكانت مجلة "فورين بوليسي" الأميركية، نشرت تقريرا، قبل عامين، تحدثت فيه عن دراسة واشنطن لخطة تمكنها من الإبقاء على بعض قواتها في قاعدة التنف، لمنع إيران من إنشاء خط اتصال بري من إيران عبر العراق عبر سوريا إلى جنوب لبنان لدعم "حزب الله" اللبناني.

ونقلا عن مصدر عسكري، أضافت المجلة أن "الهدف المنطقي الوحيد للتنف هو منح واشنطن الفرصة لمراقبة وعرقلة تدفق المقاتلين لسوريا، الذين تدعمهم إيران".

"هجوم عقب هجوم"

وفي غضون ذلك فقد تزامن الهجوم الذي تعرضت له "التنف"، صباح الاثنين، مع تعرض مواقع تتبع للنظام السوري في طرطوس وريف دمشق، لقصف نسب إلى إسرائيل.

وأسفر القصف الإسرائيلي، حسب وكالة الأنباء السورية "سانا" إلى مقتل 3 عسكريين وإصابة 3 آخرين، فضلا عن خسائر مادية.

وعندما تعرضت "التنف" لأول قصف بالمسيرات في أكتوبر 2021، كانت "غرفة حلفاء سوريا" قد برزت إلى الواجهة، حينها.

وسبق أن هددت هذه الجهة بالرد، على قصف إسرائيلي تعرضت له مواقعها في ريف محافظة حمص، قبل أيام من القصف الذي طال "التنف".

ولا تعرف بالتحديد تفاصيل تلك "الغرفة" وارتباطاتها.

وحسب تحليل موجز نشره "معهد واشنطن" في 28 من أكتوبر 2021 فإن الغرفة تضم "فيلق القدس" التابع لـ"الحرس الثوري الإيراني" و"حزب الله" اللبناني، وميليشيات عراقية.

يقود الغرفة "فيلق القدس"، كما يلعب "حزب الله" اللبناني دورا رئيسيا فيها.

وحسب المعهد فإنه في العامين 2017 و2018، لعبت الغرفة دورا مهما في المجال الإعلامي، وفي بعض الأحيان شملت الجانب الروسي للتعاون في عمليات محددة.

لكن الخلاف على مواقع الانتشار والسيطرة بمحافظة دير الزور شرقي سوريا، بين روسيا وإيران في يوليو 2019، أدى إلى خروج روسيا من الغرفة وبقاء إيران وميليشياتها، وفق "معهد واشنطن".

وفي 2020 وبعد مقتل قائد "فيلق القدس" سابقا، قاسم سليماني، تضاءل دور "غرفة عمليات حلفاء سوريا". واستمر هذا الاتجاه عام 2021، وحتى 13 أكتوبر، عندما تمّ قصف مواقع لقوات "المقاومة" والجيش السوري في تدمر بريف حمص.

وعادت "غرفة العمليات" للظهور في 14 أكتوبر، وأصدرت بيانا جاء فيه أنها "اتخذت قرارا بالرد القاسي على العدوان على تدمر". وفي 20 أكتوبر، تعرضت "التنف" للقصف بالطائرات المسيرة والصواريخ على حد سواء، وفق تحليل المعهد.