سجال سياسي في السودان.. والبرهان يتعهد بـ"سحب الجيش" بعد الانتخابات

تتسارع وتيرة التحركات والتصريحات السياسية في السودان، بعد الإعلان عن محاول انقلاب على السلطة الأسبوع، حيث أطلق رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، تعهدا بأن الجيش سينسحب من المشهد بعد الانتخابات.

وتعهد البرهان، الأحد، بتقديم المتورطين في المحاولة الانقلابية الفاشلة إلى العدالة، مشيرا إلى أن المؤسسة العسكرية ليست مؤسسة حزبية وسيتم العمل على هيكلتها.

وأكد البرهان بأن الجيش سينسحب من المشهد السياسي ويعود لمهمته الرئيسية في تأمين البلاد بعد إجراء الانتخابات.

تصريحات البرهان تأتي بعد أن تبادل القادة العسكريون والمدنيون اتهامات بالمسوؤلية عما آلت إليه الأوضاع في البلاد.  

يقول الكاتب الصحفي السوداني، سنهوري عيسى، لموقع "الحرة" إن الشعب السوداني "لا يزال لديه ثقة بأن تفي القوات المسلحة بوعودها، وتاريخ السودان يشهد على ذلك عندما قام المشير سوار الذهب بنقل السلطة وتسليمها للحكومة المنتخبة في حقبة ماضية".

وأضاف أن "البرهان يشترط ذات الأمر بتسليم السلطة إلى حكومة منتخبة، كما أنه بقي خلال الفترة الأخيرة يطالب المدنيين وشركاء الفترة الانتقالية خاصه قوي الحرية والتغيير بالتوحد والاستعداد للانتخابات".

ويرى عيسى، أن "تسليم الجيش للسلطة رهين بإجراء الانتخابات والتى يتطلب إجراؤها استحقاقات كثيرة صعب توفرها الآن في ظل السجال السياسي والتراشق الإعلامي  بين المكونين المدنى والعسكري في حكومة الفترة الانتقالية".

ويعتقد عيسى أن الحل يكمن في "تدخل أطراف دولية وإقليمية ومحلية لمنع حدوث مواجهة بين شركاء الفترة الانتقالية وتنقية الأجواء، وطي الخلافات بينهما، حتى تشهد الفترة المتبقية من عمر الفترة الانتقالية عملا جادا لإجراء الانتخابات، واستكمال متطلبات واستحقاقات، وإعداد قانون وتسجيل الأحزاب وتحضير السجل الانتخابي واتاحة التحريات للجميع".

كارثة وتخوف عيسى من استمرار حالة توتر العلاقات بين المدنيين والعسكريين والتي قد تؤدي إلى كارثة لا يحمد عقباها، ليس فقط بانقلاب من الجيش علي الحكومة ولكن ربما بمواجهة بين المدنيين والعسكريين أو حرب أهلية تجر السودان إلي الوراء وتجعله سهل التفكيك وتشيع الفوضى فيه.

"شرخ كبير"

ويقول، عبد الوهاب سعد،  عضو حزب المؤتمر الشعبي السوداني، لموقع "الحرة" إنه "توجد تطورات سياسية بعد المحاولة الانقلابية يوم الثلاثاء الماضي، ولكن من الواضح أيضا وجود شرخ كبير، وتبادل للاتهامات بين المكون العسكري والمكون المدني في السلطة".

وأضاف أن المكونيين العسكري والمدني "تبادلا الاتهامات في قضايا لا تهم المواطن، إنما تخدم مصالح خاصة بكل منهما، ولكنهما حاليا تحولا نحو إرضاء الشارع السوداني، ولو على صعيد التصريحات فقط".

تأخير الانتخابات

ويرى سعد أن "من الجيد التزام البرهان بعقد انتخابات في الفترة المقبلة، وهو ما كان حزب المؤتمر الشعبي يطالب منذ فترة".

وأشار إلى أن المشاكل التي تعانيها البلاد جزء منها سببه  "تأخير الانتخابات، والتي طال انتظارها من قبل الجميع"، مؤكدا أن الجميع "بانتظار أن يتبع البرهان تعداته وأقواله بالأفعال".

وأبدى سعد مخاوفه من أن "يصيب أجهزة الدولة الخلل، بسبب استمرار الخلافات العميقة بين الجهاز العسكري والمدني، داعيا إلى إجراء تفاهم بينهما، أو خروج أحدهما من السلطة وترك مسألة إجراء الانتخابات لأي منهما".

وأكد سعد أن "ما تحدث به البرهان، هو ما يطمح إليه الجميع، ولكن يبقى مسألة التطبيق التي نحتاج لها سريعا، وعلينا أن نشهد في القريب العاجل، إجراءات حقيقية تتعلق بالانتخابات، حتى لا تكون التصريحات هي مجرد عبارات للاستهلاك المحلي".

"انسحاب الجيش من السياسة"

ويقول مسؤول العلاقات الخارجية في حزب المؤتمر السوداني، فؤاد عثمان،  لموقع "الحرة" أنه "يجب أن نشجع ونشدد على تصريحات البرهان بانسحاب الجيش من العملية السياسية وعودته لحماية الدستور وحدود السودان".

وأضاف أن حزب المؤتمر السوداني، "يرفض نهج الانقلابات العسكرية إذا ما ارتبط بالوصول للسلطة، إذ أن الطريق الوحيد والأفضل هو عن طريق الإنتخابات وصناديق الإقتراع".

وأشار إلى أنه "يجب محاكمة الموقوفين علي ذمة المحاولة الانقلابية الأخيرة، وتقديمهم لمحاكمة عادلة وهو مطلب شعبي لايجب التهاون والتباطؤ فيه".

ويؤكد أن حديث البرهان حول "حيادية الجيش سياسيا هو منهج مطلوب، ويجب أن ينأى الجيش وبقية القوي النظامية عن ممارسة العملية السياسية، ولكن  لابد من إصلاحات عاجلة وفورية للأجهزة الأمنية والعسكرية".

الشعب السوداني على ثقة بالمؤسسة العسكرية

وكان البرهان قد تعهد، الأحد، بـ "عدم السماح بأي نشاط حزبي في القوات المسلحة".

كما أكد حرص الجيش على إجراء انتخابات وتسليم السلطة بحلول نهاية الفترة الانتقالية. وقال "نحن كعسكريين نلتزم بالانتخابات في الموعد الذي اتفقنا عليه في نهاية الفترة الانتقالية".

وعقب الإطاحة بالرئيس السابق، عمر البشير، في أبريل 2019 إثر انتفاضة شعبية استمرت شهورا، وقع المجلس العسكري الانتقالي الذي تسلم الحكم وقادة الاحتجاجات المدنيون في أغسطس من العام نفسه اتفاقا لتقاسم السلطة نص على فترة انتقالية من ثلاث سنوات.

ولاحقا، تم تمديد الفترة الانتقالية حتى نهاية 2023 بعدما أبرمت الحكومة السودانية اتفاق سلام مع عدد من حركات التمرد المسلحة في البلاد.

وتتألف السلطة الحالية من مجلس السيادة برئاسة البرهان، وحكومة برئاسة عبد الله حمدوك، ومهمتها الإعداد لانتخابات عامة تنتهي بتسليم الحكم إلى سلطة مدنية.