متى يدرك الغرب أن استرضاء طهران استراتيجية خاسرة؟

حذر علي رضا نادر وبنجامين وينثال من مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، الإدارة الأمريكية، والاتحاد الأوروبي من مغبة تجاهل سياسات طهران الخبيثة في الداخل والخارج لإحياء الاتفاق النووي.

حسمت بروكسل موقفها من إيران بشكل واضح حين أرسلت كبير موظفي الممثل الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي إنريكي مورا، إلى حفل تنصيب الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي.

لقد برهنت الخطوة على نية بروكسل اعتماد سياسة التواصل والتنازل مع النظام الإيراني عوض الوقوف إلى جانب الشعب الإيراني في نضاله من أجل الحرية.

التشدق بحقوق الإنسان

كتب الباحثان في موقع "ريل كلير بوليتيكس" أن الاتحاد الأوروبي تشدق أحياناً بمناصرة قضايا حقوق الإنسان، لكن سياسته عززت دوماً النظام الإيراني.

يشمئز المسؤولون الأوروبيون من الضغط على النظام، ويتسامحون مع اغتيال المعارضين الإيرانيين على الأراضي الأوروبية، كما يحاولون تجاهل الأحداث البارزة في إيران، مثل التظاهرات الكبرى، وإضرابات العمال، وتعذيب النظام للمعارضين وسجنهم.

إن هدف الديبلوماسية الأوروبية هو إعادة إحياء الاتفاق النووي مع إيران مهما كلف الأمر. ويشدد حضور مورا حفل التنصيب على هذه الرسالة. فهو رجل بروكسل في فيينا، ومنسق المحادثات بين الولايات المتحدة وإيران.

وسط قادة الإرهاب

عزز سلوك مورا في فيينا جهد النظام الإيراني لتأمين شرعية لا يستحقها. انخفضت نسبة الاقتراع في الانتخابات الرئاسية بسبب التزوير إلى مستوى تاريخي. وعرف الناخبون الإيرانيون أن رئيسهم الجديد مسؤول عن إعدام آلاف السجناء السياسيين.

وأشار الكاتبان إلى التقاط صور لمورا جالساً بين قادة مجموعات إرهابية مثل رئيس حركة حماس اسماعيل هنية، ونائب الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم. كما وقف مورا لالتقاط صور ودية مع مسؤولين بارزين من النظام مثل نائب وزير الخارجية الإيراني عباس عرقجي.

خطف أوروبيين

حتى في فيينا، أبدى مورا تعاطفاً مع طهران أكثر من ضحاياها. في يونيو (حزيران)، بدا مورا موافقاً على منع الحكومة النمساوية إقامة تجمع سلمي لمعارضين إيرانيين خارج فندق غراند أوتيل للتعبير عن مناهضتهم للمحادثات النووية.

وفي وقت يخشى الاتحاد الأوروبي من أن يؤدي تحميل طهران المسؤولية عن سلوكها إلى تقويض المحادثات، انشغل النظام الإيراني بخطف مواطنين ألمان، ونمساويين، وسويديين، وبريطانيين من أصول إيرانية لإجبار القادة الأوروبيين على تقديم تنازلات إضافية.

المشترك بين بايدن وبروكسل

يؤكد رضا نادر ووينثال أن الضعف يعزز نظام طهران ويعطيه كل سبب ممكن لاختطاف أو حتى اغتيال المزيد من المعارضين في الغرب.

في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، اختطف النظام وأعدم المعارض الإيراني المقيم في فرنسا روح الله زم، بعد استدراجه إلى العراق. وشنقت طهران زم لإدارته قناة على تيليغرام كشفت الفساد المتفشي داخل النظام.

في هذا الوقت، لم تتخذ إدارة بايدن موقفاً من زيارة مورا لطهران حين كان يجب أن تصدر بيان إدانة قوي اللهجة.

ولم يعلق بايدن جهوده لإحياء الاتفاق النووي رغم كشف مكتب التحقيقات الفيدرالي مخططاً إيرانياً لاختطاف الأمريكية الإيرانية مسيح علي نجاد، في نيويورك. مثل الاتحاد الأوروبي، بدت إدارة بايدن يائسة لإنقاذ الاتفاق النووي.

تفضيلات الغربيين

نتيجة لهذه السياسة، يمكن لرئيسي وسيده المرشد الأعلى علي خامنئي البقاء مطمئنين على أنهما لن يدفعا أي ثمن مقابل العنف الذي يعتقدان أنه ضروري لإبقاء النظام في السلطة، مثل قتل 1500 شخص خلال تظاهرات كبيرة اندلعت في نوفمبر (تشرين الثاني) 2019.

يفضل مورا ورؤساؤه ألا يتحدوا نظاماً إسلاموياً ضعيفاً ومعرضاً للعطب لكنه خطير في الوقت نفسه. قد يدرك الاتحاد الأوروبي والبيت الأبيض قريباً أن العودة إلى الاتفاق النووي واسترضاء النظام استراتيجيتان، خاسرتان.

لن يمنعوا الهجمات وهم مكتوفو الأيدي

من المرجح أن يدفع رئيسي إدارة بايدن نحو تفاوض أقسى في المحادثات النووية مدركاً أن استفزازات طهران ومن بينها هجوم 29 يوليو (تموز) على ناقلة ميرسر ستريت في خليج عمان، لن تواجه أي عقوبات.

ومن المرجح أيضاً أن يرى النظام في زيارة مورا وغياب أي تحرك غربي ضوءاً أخضر لمواصلة عداونه في الداخل والمنطقة.

إذا أراد القادة الأوروبيون حماية مواطنيهم ومنع هجمات إرهابية على الأراضي الأوروبية فعليهم التحرك سريعاً لمعاقبة المسؤولين والتنظيمات المتورطة في اختطاف وإعدام مواطني الاتحاد الأوروبي وبريطانيا.

وعليهم أيضاً المطالبة بالإفراج الفوري عن الرهائن الناجين واشتراط ذلك مقدمةً للجولة المقبلة من المفاوضات النووية في سبتمبر (أيلول).

خسارة مزدوجة

يضيف الكاتبان، إنه حان الوقت ليعترف القادة الأوروبيون والأمريكيون بأن الالتزام غير المشروط بالديبلوماسية النووية دفعهم للتضحية بحقوق الإنسان في إيران وحتى داخل دولهم. مع ذلك، لم يؤد هذا التنازل إلى تأمين اتفاق نووي أفضل، وعوض ذلك، هو يشجع إيران على تصعيد قمعها والمطالبة بالمزيد من التنازلات في المفاوضات.